حتى لا يضيع جوهر المشروع
سميح المعايطه
ربما علينا جميعا وخاصة أطراف العملية السياسية أن لا ننسى أن المشروع الذي حظي بدعم ملكي للتحديث السياسي، ليس مشروعا لترخيص أحزاب أو لتعديل قوانين سياسية، بل جوهره تغيير آليات إنتاج البرلمان والحكومات تدريجيا خلال ١٢ عاما، لنصل إلى بنية جديدة في تركيبة النظام السياسي في بلادنا.
البعض يعتقد أن القضية ترخيص أحزاب جديدة وإعادة إنتاج بعض الوجوه لتعود عبر بوابة الأحزاب والبرلمان بدلا من التعيين، والبعض يعتقد أن دخوله عالم العمل الحزبي اختراع جديد على الدولة، ويغيب عن بال هؤلاء أن الأحزاب في الأردن كانت مع انشاء الإمارة في بداية العشرينات، وأن قوانين الأحزاب عادت للعمل منذ عام ١٩٩٢ وحتى اليوم، وأن لدينا قبل مشروع التحديث عشرات الأحزاب.
جوهر الفكرة التي يريدها الملك إعادة بناء آليات إنتاج البرلمان والحكومات لتكون حكومات يختارها الناس عبر اختيارهم لأحزاب يقتنعون بها وبأفكارها ونذهب إلى الحكومات المنتخبة بمفهومها الحقيقي وهو حكومات أغلبية برلمانية منتخبة، وهذا المشروع يفترض أن نحرص عليه جميعا وخاصة مع أول انتخابات نيابية تجري وفق تشريعات جديدة.
الناس اليوم لديها مشكلة مع الذهاب إلى الصندوق لأسباب يعلمها الجميع، والطريق الأهم لإقناعهم بالذهاب إلى الصندوق تكون حين يشعرون أن هناك جديدا وتحولا سياسيا يستحق اعطاءه الفرصة، أو عن طريق الحماس العشائري والاجتماعي، وهو أمر يضعف مع كل مرحلة بسبب التفكك والخلافات داخل معظم القوى الاجتماعية في مواسم الانتخابات.
الأحزاب معنية أن تحافظ على الدهشة الإيجابية والحماس لدى الناس من خلال تقديم قوائم تحمل ثقلا في مواصفات المرشحين من حيث الخبرة والكفاءة والنزاهة، وحتى مع الالتزام بترشيح شباب ونساء في قوائم الاحزاب فهذا لا يعني التخلي عن المواصفات التي تجعل الناخب يرى جديدا وليس اسماء لا تمثل إضافة نوعية للبرلمان، والأصعب إن كانت الخيارات مرتبطة بالغنى والفقر والمال.
وإذا كانت نزاهة الجهات الرسمية مهمة جدا فإن التأكد منها يتم بشكله الأكبر بعد اجراء الانتخابات وليس قبلها، ولهذا فاداء الأحزاب ونوعية مرشحيها وما يصاحب إعلان الكتل من حكايات هو المهم بالنسبة للناس.
الأمر الآخر يتعلق بأجواء نزاهة المرشح والناخب، وهو أمر تراكمت فيه صورة سلبية وواقع يحتاج إلى جهد غير عادي لمحاربته، لأن البعض من الناخبين والمرشحين يستعملون كل الوسائل لدفع الأموال بشكل نحتاج معه إلى حلف الأطلسي لضبط تحايل البعض على القانون، لدينا تشريعات إيجابية وتحذيرات من الرشوى وبيع الذمم والأصوات، لكن ما هو على ساحة الانتخابات تراكم مواسم انتخابات أصبح معها التقدم للانتخابات يحتاج إلى شخص ثري وصاحب مال، أو أن يكون تحت رعاية شخص صاحب ثروة ليس فقط لأن تكاليف الحملات الانتخابية كبير بل لأن شراء الأصوات مكلف وجزء من برنامج فئات من المرشحين.
ونحن على مسافة أقل من شهرين من يوم الاقتراع يحتاج مشروع الملك للإصلاح السياسي إلى حماية ومحافظة على جوهره من كل ممارسة سلبية منا جميعا، فهذا ليس موسم انتخابات فقط بل إطلاق المرحلة الأولى من تطبيق مشروع التحديث السياسي..