د. عصفور يلقى محاضرة في منتدى الرواد الكبار بعنوان "الفن والحرب"


اقام منتدى الرواد الكبار، أول من أمس، ندوة بعنوان "الفن والحرب"، تحدث فيها الدكتور مازن عصفور، وادارها المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص.

حضر الندوة لفيف من الجمهور المهتم بالشأن الثقافي والفني، إلى جانب مديرة المنتدى هيفاء البشير التي قالت نستضيف في هذا المساء قامة أكاديمية فنية كبيرة وهو الدكتور مازن عصفور، ليحدثنا عن الفن والحرب... وكيف لهذين النقيضين أن يجتمعا معاً ففي اللحظة التي يعبر الفن عن روح الجمال تأتي مناجل ومدافع الحرب لهدم كل ما هو جميل من ارواح واماكن لتخلف آله الحرب مكانها مدينة أشباح.

وخاطبت البشير الحضور قائلة: كما ترون كيف حولت الة الحرب الصهيونية غزة من مدينة جميلة يغفو البحر على خاصرتها إلى مدينة اشباح تئن تحت انقاضها صرخات الجرحى من النساء والأطفال والشهداء، مبينة إن المنتدى يسير على منهج مواكبة الأحداث الساخنة وتسليط الضوء من خلال برنامجنا الثقافي لذلك ارتأينا أن نستضيف في هذا المساء الدكتور مازن ليحدثنا عن الفن والحرب، فهو فنان ولديه رؤيا في هذه القضية.

فيما تناول د. مازن عصفور العلاقة بين الفن والحرب ومن وجهة نظر فكرية وفنية وجمالية، حيث قدم نبذة موجزة عن دور الفن عبر مسيرته التاريخية في تشكيل رؤى الفنان وتفاعله مع محيطه ومجتمعة بوصفه مثقفا عضويا لا يمكن فصله عن همومه الفكرية والاجتماعية المعيشة، مستعرضا جوانب مختارة من المحطات الفنية المهمة التي عبر من خلالها الفنانون عن مسألة الحرب ووثقوا احداثها سواء كان ذلك لأهداف إيجابية او سلبية او كانوا مؤيدون او معادون لفكرة الحرب وذلك طبقا للسياقات الاجتماعية

والسياسية والفكرية التي عايشها هؤلاء الفنانين، والتي انعكست بدورها على طريقه تشكيل تعبيرهم الفني بصريا وفكريا ووجدانيا.
واستعرض عصفور عبر "داتا شو"، مجموعة من اللوحات لفنانين عالميين مثل لوحة "تمثال إله الحرب اليونانية اريس"، وهي كما أشار عصفور من منحوتات اليونان القديمة قبل الميلاد، ولوحة تظهر مشهد القتال بين المحاربين وذلك من خلال "منحوتات الحروب اليونانية القديمة في القرن 5 قبل الميلاد"، ولوحة بعنوان "فتح صلاح الدين للقدس 1187"، ولوحة "سقوط القسطنطينية" على يد محمد الفاتح 1453، فيما تحدث عن "الفن والحرب"، من خلال الفن الفلسطيني والعربي حيث استعرض العديد من اللوحات للفنانين عرب منهم الفنانة تمام الاكل، والفنان الراحل إسماعيل شموط، ولوحة "جمل المحامل"، للفنان سليمان منصور، الى جانب العديد من رسومات اطفال غزة اثناء القصف.

ومن اجل الربط بين السردية النظرية والسردية البصرية قدم عصفور خلال المحاضرة: شرحا وتحليلا ونقديا لنماذج من الاعمال الفنية ذات الصلة بموضوع الحرب بدءا من الفن القديم وانتهاء بعصر الحداثة والتي وظف الفنانون خلاله فنونهم لمسألة كل وفق رؤاه ومقاصده المختلفة، مشيرا إلى أهم الأعمال الفنية ذات التماس المباشر مع موضوع الحرب أعمال فنية من خلال مجموعة من الحقب "الحقبة اليونانية القديمة"، التي رصدت الحرب بتركيب جمالي وفلسفي واسطوري، يليه أعمال "الحقبة الرومانية"، التي ارتكزت على فلسفة البطولة العسكرية كمادة فكرية لهم.

ثم تحدث عصفور عن حقبة "الفن الديني"، والتي تطرقت لفكرة الحرب لدي الفنون الدينية بعد نزول المسيح حيث وظفت السلطة الدينية المهيمنة على الفن للترويج للحرب بدعوى تحرير الاراضي القدس في الشرق. يلي ذلك تطور العلاقة بين الفن والحرب وفلسفة والتعاطي معها فنيا في عصر النهضة في القرن الخامس عصر ومرورا بعصر التنوير والرومانسية لاحقا الذي وظف خلاله الفن في خدمة الحرب لأهداف تنويرية وتقدمية وتحريرية كما فعل رواد الرومانسية أمثال فرانسيسكو غويا وغيره.

أما الجزء الاخير من المحاضرة فتحدث فيها عصفور عن علاقة الفن بالحرب في ظل أجواء ثقافة، ففي عصر الحداثة التي شهد توظيفا ايجابيا للفن تمثل بنقد وعرض الفن على فكرة الحرب بنفس الوقت الذي وظفته تيارات حداثية أخرى لأهداف سلبية واستعمارية، لافتا إلى ما حدث في ظل الحربين العالميتين وبسطوة من افكار النازية والفاشية التي وظفت الفن لتحرير حروبها المدمرة.

أما في الحالة العربية فقد تحدث عصفور فيما يتعلق بالأعمال الفنية التي جسدت قسوة الصراع الذي عانى منه العرب والمسلمين في مواجهة ما سلب منهم أرضهم ومقدساتهم بدءا من الحروب الصليبية وتحرير القدس وانتهاء بالحالة الفلسطينية الراهنة التي يساهم فيها الفن العربي في تجسيد الحالة فنيا مثل رسومات أطفال غزة التي رسموها وهم تحت القصف