الهجرة والنبي محمد.. وأعظم دولة على وجه الأرض


د. راكز الزعارير

في ذكرى الهجرة النبوية يستذكر العالم وأحراره من مختلف اطياف البشر النبي الأعظم العربي الهاشمي محمد ابن عبدالله الذي تميز على كل الانبياء بان بعثه الله للناس كافة وختم به الوحى والرسالات والنبوة والكتب السماوية بالقران الشامل الجامع لمبادئ الاديان التوحيدية كلها، الهادي الي الحق والعدالة وخيري الدنيا والآخرة.

الهجرة النبوية قبل ١٤٤٦ عاماً من مكة إلى المدينة يثرب في جزيرة العرب موطن إسماعيل ابن النبي إبراهيم الخليل ابو الانبياء عليهم السلام، لم تكن رحلة ترفيهية او سياحية او هروبا من المواجهة مع غير المسلمين من قريش، بل أرادها واتخذها الرسول الاعظم محمد لان تكون نقطة انطلاق لاعادة هيكلة النظام الدولي والإنساني في تلك المرحلة من التاريخ، وإعادة تنظيم القيم الانسانية والأخلاقية بما يتوافق مع رسالة وجود الانسان، وهو الكائن الأفضل على خلق الله، واختاره الله ليكون خليفته على الارض، وذلك من خلال رسالة الإسلام التي جاءت للناس كافة دون استثناء لاي من ابناء البشر.

بعد الهجرة مباشرة بدأ الرسول محمد واصحابه من عمالقة العصر من العرب وغيرهم بوضع هيكلية الدولة التي اصبحت في زمن قياسي وغير مسبوق بالتاريخ البشري حتى اليوم، الدولة الاقوى والأكثر نفوذا واحتراما بين الامم والشعوب، وامتد نفوذها في الادارة والحكم الى شرق الارض ومغاربها، حيث امتدّت شرقا إلى الصين وغربا إلى أقصى مشارف القارة الأوروبية والإفريقية على المحيط الاطلسي.

ان اهم عوامل النجاح لهذا الإنجاز العالمي لبناء الدولة الاسلامية والذي لم يتكرر بقيمه وعدالته حتى اليوم مايلي:

شخصية محمد (صلى الله عليه وسلم) التي صنفها العلماء بانها اعظم شخصية في التاريخ، لما اتسمت به هذه الشخصية بميزات فكرية واخلاقية وقيادية بالمقاييس الانسانية، والتي وصفه الله بالقران بقوله {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، ثم المنهج الفلسفي لرسالة الاسلام والذي تمثل بالمبادئ العامة التى جاءت بالقرآن الكريم، والتي ركزت على أن بعثته عليه السلام هي: رحمة الله للعالميين، حيث يقول تعالى «وما ارسلناك الا رجمة للعالمين» وايضا تكريم الإنسان من بني ادام على وجه الارض وقوله تعالى {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}، وكذلك رفع راية التوحيد لله الاحد وان تكون مرجعية البشر جميعهم الى الله تعالى وعلاقتهم به واقتدائهم برسولهم القائد الموجه من الله، ومن اعظم مبادئ الرسالة ايضا تحرير الانسان من العبودية او الخضوع لغير الله الواحد الذي يعبد وتخضع لإرادته مقومات الوجود ونظام الكون كله.

لقد بنى النبي الاعظم محمد مع تاريخ هجرته الدولة الاكثر قوة وتاثيراً ونفوذاً في التاريخ، ورجال من حوله صنعوا مجدا وكرامة للإنسان وجعلوه الأقرب إلى الله بالهدى والايمان، فتجلت عظمة الرسالة بتغيير وجه البشرية إلى الخير والصلاح والإصلاح في كل نظم ومجالات الحياة العقائدية و الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

ولا بد هنا من الاستدراك استباقا لبعض التعليقات، بأن الإخفاقات التى واجهت الامة كانت باسباب بشرية مباشرة لم تمت إلى رسالة الإسلام وصاحب الرسالة بأي صلة فكرية او سياسية او عقائدية، بل كانت تلك الإخفاقات نتاجا لمصالح ومطامع بشرية خرجت عن مبادئ وعبقرية الرسالة وعن كتابها وسنة صاحبها الأعظم محمد العربي الهاشمي الذي اصطفاه الله رحمة للعالمين.. وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.