هل تتبدل المواقف الغربية تجاه بؤر الصراع العالمية نهاية العام؟
أصبح العالم يترقب تبدل السياسات الغربية تجاه حرب أوكرانيا وحرب غزة وأزمة تايوان، وكأن جميع هذه الأزمات مرتبطة بحبل واحد.
لقد أدركت الشعوب الغربية أن السياسات التي اتبعها رؤساؤها على مدار الثلاث سنوات سابقة في سياساتهم الخارجية وإنجرارهم خلف الولايات المتحدة ما هي إلا استنزاف لاقتصاداتهم خصوصا بعد الخروج من أزمة كورونا، فدافعي الضرائب الغربيين أدركوا إن ما يتم دفعه من ضرائب يذهب هباءا لدعم حرب أوكرانيا وغزة ومثلها تايوان اذا تحولت لحرب، في ظل معاناة هذه الشعوب من مديونية قياسية حيث وصلت المديونية العالمية الى 315 ترليون دولار، وتضخم مرتفع وارتفاع بأسعار الطاقة وتكاليف الحياة، لذلك ما بدأت تفرزه الإنتخابات الأوروبية من صعود لأحزاب اليمين إلى الساحة السياسية في الدول المؤثرة في هذه الحروب مثل فرنسا وألمانيا، وكذلك فوز حزب العمال البريطاني وتولي كير ستارمر لرئاسة الوزراء، ولا ننسى المناظرة بين الرئيس الأمريكي الحالي بايدن مع الرئيس السابق ترامب قبل اسبوع والتي أسفرت عن اتساع الفارق لصالح الرئيس السابق ترامب من 6%-8%.
فالحكومات الجديدة وبالضغط من مناصريها هاجسها الأول إيقاف التوترات والحروب الخارجية وأي استنزاف لنفقات ومساعدات خارجية لا مصلحة مباشرة فيها ولا تصب لمنفعة شعوبها.
فالأيديولوجية الفكرية لجميع الرؤساء القادمين ستصب في الشأن الداخلي لدولهم لتصحيح المسار الإقتصادي المتهالك، وخصوصا أن هناك على الطرف الآخر قطب آخر وهو بريكس يصعد بقوة إستقطب دولا حليفة وصديقة للغرب ويخطط في نهاية هذا العام لإجراءات إقتصادية مفصلية.
إن صعود هذه الأحزاب والرؤساء إلى سدة الحكم يتناغم مع العدو اللدود للغرب وهو الرئيس الروسي بوتين والذي على مدار العشرين عاما الماضية دعم هذه الأحزاب بصفتها المعارضة، وكان أيضا على تناغم مع الرئيس الأميركي السابق ترامب.
لذلك من المرجح وبنسبة عالية أن نرى نهاية للحرب الروسية الأوكرانية مع نهاية هذا العام، وقد نشرت مقالة لي في الصحف المحلية والعربية والأجنبية قبل أكثر من عامين تحت عنوان: «نظرة لتبعات الحرب الروسية الأوكرانية اذا استمرت»، أشرت فيها إلى أن حرب أوكرانيا ستنتهي مع نهاية عام 2024، وكان ذلك التحليل مبني على لوغاريثمات وأرقام إقتصادية معقدة في ظل إرتباط وثيق مع متغيرات سياسية كانت متوقعة والتي بناء عليها قمت بذلك التحليل.
فحرب غزة بالنسبة للرؤساء الأوروبيين الجدد ستكون مضرة بمصالحهم وخصوصا بعد وصولها محكمة الجنايات الدولية، والإنجرار غير المبرر خلف السياسة الأمريكية الخارجية دون الالتفات لمصالح شعوبهم الداخلية، ورأينا التبدل في سياسات بعض الدول الأوروبية باعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بالدولة الفلسطينية.
فما نراه الآن من مفاوضات جادة بضغط من الرئيس الأميركي لكسب نقاط تساعده في الإنتخابات القادمة اذا استمر على ترشيحه،قد تؤدي إلى صفقة تبادل للأسرى بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ووقف لهذه الحرب الهمجية،حيث أصبح أيقاف الحرب مطلبا من القادة الإسرائيليين، لأنهم يدركون تماما ما ينتظرهم في جنوب لبنان إذا استمرت حرب غزة في ظل التصعيد من قبل الأذرع الإيرانية في المنطقة.
ولا ننسى أزمة تايوان، فالصين تراقب حرب أوكرانيا وحرب غزة عن كثب وتضع الاحتمالات القادمة بطريقة مدروسة وواضحة، فهدفها الرئيسي هو خططها الإقتصادية التي خططت لها قبل عقد من الزمان من خلال مشروع الحزام والطريق،فهل تتلاقى مصالح القادة الجدد مع الصين في هذا الإتجاه بدلا من التصعيد في تايوان، وغض البصر عن الأزمة التايوانية لتبقى الصين موحدة؟
في الختام هل نرى انفراجات قريبة واحدة تلو الآخرى، وهل نرى انضمام دولا أوروبية لبريكس العام القادم أو تشكيل تحالفات جديدة من بريكس وحلف الناتو؟