ما لم ولا تفعله الحكومات الأردنية بعد كل خلل، كارثة، قضية فساد، تعثر أو قصور

كتب أ.د. محمد الفرجات

للأسف فبعد كل مشكلة أو أزمة نواجهها في المملكة في مشروع ما أو مؤسسة أو خطة، أو حادثة أو قضية... إلخ، نكتفي بالمحاسبة وتغطية القضية إعلاميا، وتصبح قضية رأي عام، فما نلبث أن تنتهي الزوبعة لتبدأ قضية أخرى، ونتوجه لها بنفس الطريقة، ولا نبحث عن حلول ولا نعالج الخطأ، وقد يستمر الخطأ والتعثر والقصور. 

 

فما زال ينقصنا في المملكة بعد أن نشير إلى موقع الخلل أو القصور في الأداء ولأي سبب كان إلى التقويم والتصحيح، ويعني ذلك تصحيح الأوضاع وتقديم الإسناد المطلوب ليزول الخلل أو القصور أو التعثر، وذلك بعد دراسة شاملة ومستوفاة لموقع ومكمن وسبب المشكلة. 

 

وفي إطار السعي المتواصل لتعزيز الكفاءة والشفافية في الأداء الحكومي والخاص في المملكة الأردنية الهاشمية، يعتبر إيجاد مجلس أعلى للتقويم خطوة ضرورية وحاسمة. يرتبط هذا المجلس مباشرة برئيس الوزراء، وتكمن مهمته الرئيسية في التوجه للمؤسسات التي تسجل عليها مخالفات من خلال هيئة مكافحة الفساد أو ديوان المحاسبة، سواء كانت تلك المخالفات تتعلق بالفساد المالي، الفني، الإداري، أو القانوني, أو تسجل إخفاق أو تعثر أو قصور بتنفيذ خطة أو مشروع، أو تدني مستوى خدمة تقدمها. 

 

يتمثل دور المجلس في دراسة وضع المؤسسات المعنية، وتحديد طبيعة المشكلة، ووضع توصيات ملزمة وخطة إنعاش لتقويم الأوضاع وتصويبها، ويتضمن هذا العمل تحديد الأسباب الجذرية للمشكلة، ووضع توصيات تشمل استراتيجيات وخطط عمل واضحة لحل المشكلة وتحسين الأداء وزيادة الكفاءة والإنتاجية، ويتابع المجلس إلتزام المؤسسة بالتوصيات بعد ذلك. 

 

يعتمد نجاح عمل المجلس على التعاون الوثيق بين مختلف الجهات المعنية، بما في ذلك الحكومة، وهيئات مكافحة الفساد، وديوان المحاسبة، بالإضافة إلى المؤسسات المختلفة التي تخضع لتقويمه.

 

يجب أن يتمتع المجلس بالاستقلالية والكفاءة اللازمة لأداء مهامه بشكل فعال، ويجب أن يكون له سلطة فعالة في تنفيذ التوصيات التي يقدمها، ويأتي كخط دفاع ثاني بعد الأجهزة الرقابية لتوجيه الدفة نحو النجاح ودفع عجلة التنمية.

 

من الضروري أن يكون لدى المجلس القدرة على العمل بشكل شامل ومتعدد الجوانب، حيث يجب أن يتمتع بالقدرة على التدخل في القضايا المتعلقة بالفساد وضعف الأداء بشكل فعّال، وأن يتمتع بالسلطة الكافية لتطبيق العقوبات اللازمة في حالة عدم الامتثال لتوصياته.

 

في الختام، فإن إيجاد مجلس أعلى للتقويم في الأردن يمثل خطوة جوهرية نحو تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد والقصور، ويسهم في تحسين الأداء الحكومي والخاص وزيادة الكفاءة والإنتاجية. 

 

يجب أن يكون لدى هذا المجلس القدرة على التدخل بفعالية لضمان تحقيق الأهداف المرجوة من وراء تأسيسه، ويجب أن يتمتع بالدعم الكافي من الحكومة ومجلسي النواب والأعيان والرأي العام لتحقيق نجاح مهمته الحيوية.