طاقة الصخور عالية الحرارة: مستقبل الطاقة النظيفة
المهندس رائد الصعوب
مرحبًا بكم في هذه الحلقة الجديدة من "مستقبل الطاقة"، حيث نغوص في أعماق الأرض لاستكشاف طاقة نظيفة هائلة: الطاقة الحرارية الجوفية. مع تزايد الاهتمام بالطاقة المتجددة، تبرز طاقة الصخور عالية الحرارة كخيار واعد للمستقبل، خاصة في ظل توجه السعودية نحو استغلال هذه المصادر بفاعلية.
الطاقة الحرارية الجوفية: كنز تحت أقدامنا
الطاقة الحرارية الجوفية، بالرغم من استخدامها منذ مئات السنين، لم تستغل بعد بكامل إمكاناتها. ومع زيادة البحث عن مصادر طاقة نظيفة ومستقرة، تبرز هذه الطاقة كخيار خالٍ من الانبعاثات ومستقر، مما يجعلها مكملاً مثالياً للطاقات المتجددة المتقطعة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. تعتمد المحطات التقليدية للطاقة الحرارية الجوفية على استخراج المياه الساخنة من أعماق سطحية، لكن لتحقيق إنتاج أكبر، نحتاج إلى تقنيات جديدة لاستخراج الطاقة من أعماق أكبر بتكلفة أقل.
طاقة الصخور عالية الحرارة: تقنية واعدة
أحد أبرز هذه التقنيات هو "طاقة الصخور عالية الحرارة" أو "سوبر هوت روكس أنيرجي"، حيث يتم ضخ المياه إلى أعماق تصل إلى 15 كم تحت سطح الأرض لتصل إلى مكامن صخرية بحرارة تتجاوز 400 درجة مئوية. ثم يُضخ البخار الناتج إلى السطح لتشغيل المولدات الكهربائية. تُعد الطاقة المستخرجة من هذه التقنية أكثر كفاءة بما يتراوح بين 5 إلى 10 مرات مقارنة بالتقنيات التقليدية. لكن، تواجه هذه المشاريع تحديات مالية وتقنية تتطلب استثمارات ضخمة وتطوير معدات قادرة على تحمل الحرارة والضغط العاليين.
السعودية: إمكانيات هائلة وتوجه طموح
وفق تقرير لمؤسسة "كلين إير تاسك فورس"، قد تصل قدرات طاقة الصخور عالية الحرارة في السعودية إلى 1172 جيجا وات، مما يضعها في المرتبة الثانية بعد ليبيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقد بدأت السعودية بحفر بئر تجريبي للطاقة الحرارية الجوفية التقليدية على ساحل البحر الأحمر، بعمق 400 متر، بهدف استخراج 1 جيجا وات بحلول عام 2030، وهو ما يكفي لتلبية حاجة 800 ألف منزل من الطاقة. يُمكن استخدام هذه الطاقة النظيفة لأغراض التبريد وحتى في تحلية المياه.
التحديات والتقنيات المتقدمة
تطوير تقنيات مبتكرة لحصاد الطاقة الحرارية الجوفية بكفاءة عالية يتطلب تجاوز العديد من التحديات. على صعيد الحفر، يتم تطوير تقنيات جديدة للوصول إلى أعماق أكبر بتكلفة أقل. التحدي الآخر هو توفير مسامية وحرارة كافية لاستخراج الطاقة. تقنية التحفيز الكهربائي للخزان، التي طورتها شركة "إيدن"، تساهم في إيجاد مسامية من عدمها ورفع درجة الحرارة بشكل مؤقت، مما يساعد في استخراج الطاقة بشكل أكثر فعالية.
فرص واعدة في السعودية والمنطقة
السعودية تمتلك الإمكانيات والموارد اللازمة لتطوير الطاقة الحرارية الجوفية بشكل سريع، بفضل خبراتها في تطوير مصادر النفط والغاز. ومع تزايد التركيز على البحث والتنقيب عن هذه المصادر، تتوقع السعودية جمع بيانات أكثر تحديداً حول حجم المخزونات الحرارية خلال السنوات المقبلة. تُمكن هذه البيانات من وضع استراتيجيات وطنية وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع الواعد.