"الحرب الواسعة" تلوح في الأفق.. هذه أوراق قوة حزب الله وإسرائيل

غادة الخولي

تتزايد المخاوف من اندلاع حرب واسعة في الشرق الأوسط، حيث تلقي التوترات المتصاعدة بين حزب الله وإسرائيل بظلالها على المنطقة. وفي هذا السياق، يعكف الجانبان على استعراض أوراق قوتهما وتحضيراتهما الاستراتيجية لأي مواجهة محتملة. حزب الله المدعوم من إيران يعتمد على ترسانة عسكرية متطورة وشبكة تحالفات إقليمية لتعزيز موقفه، في حين تستند إسرائيل إلى قدراتها العسكرية المتقدمة والدعم الدولي لضمان تفوقها.

يرى الخبير والمحلل الأمني الاستراتيجي الدكتور عمر الرداد، أنه بالرغم من تصاعد حدة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، إلا أنها تبقى في إطار مقاربات الالتزام بقواعد الاشتباك العامة بين الطرفين.

وأكد الرداد في حديث لصحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، الأحد، أنه من الواضح أن إسرائيل تملك أوراق قوة أكبر من حزب الله، من بينها رأي عام إسرائيلي مؤيد للقضاء على تهديد حزب الله.

وأضاف أن أمريكا وأوروبا ستقف بقوة أكبر إلى جانب إسرائيل، وخاصة واشنطن، إذ أصبحت الحرب مع حزب الله ورقة ضغط تمارسها إسرائيل على واشنطن.

أما حزب الله، وفق الرداد، فهو يملك منظومة صاروخية ومسيرات تمكنه من إلحاق أضرار بإسرائيل، لافتًا إلى أن تلك الحرب لا تحظى بتأييد داخل لبنان.

وأشار إلى أن إمكانية دخول إيران الحرب تبقى ورقة بيد حزب الله، رغم أن طهران تفضل الصفقات مع واشنطن.

إسرائيل تؤسس لفكرة حرب الجبهات المتعددة

من جهته، يقول الخبير السياسي الدكتور عامر السبايلة إن المسار الطبيعي لاستمرار الحرب في غزة هو أن تتوسع حتى لو أخذت أشكالاً متعددة.

وأكد السبايلة في حديث لصحيفة "أخبار الأردن"، أن هناك حالة حرب واسعة في اليمن "جبهة البحر الأحمر"، والخطر يتشكل في الضفة الغربية وجنوب لبنان وفي سوريا والعراق، لافتًا إلى أن إسرائيل تؤسس لفكرة حرب الجبهات المتعددة.

وأضاف السبايلة أنه مع انحسار العمليات في غزة وسيطرة إسرائيل على المعابر في محور فيلادلفيا ومعبر رفح، يعني أن إسرائيل سوف تنتقل إلى مرحلة ثانية في فكرة تأمينها من الجبهات الأخرى.

وأوضح أن الجبهات الأخرى هي الأقرب إلى الحدود الشمالية لإسرائيل، لافتًا إلى أنه لا يمكن أن تُغلق هذه الحرب دون ترتيبات لهذا الملف، وهذا ما يجعل فكرة الحرب مع حزب الله واردة، وما دار عبر الشهور الماضية من الدبلوماسية الضاغطة لتطبيق القرار 1701 بعودة حزب الله إلى خلف نهر الليطاني عبر المناورة الدبلوماسية. وأضاف السبايلة: "وإن لم يتم ذلك، فنحن أمام مشهد تصعيدي".

حزب الله ينجح في اختراق شمال إسرائيل مرتين

من جانبه، يرى الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد أن حزب الله نجح في اختراق أجواء شمال الأراضي المحتلة مرتين. ففي المرة الأولى بث مقطع من طائرة مسيرة شمل استطلاع أهداف وصلت لعمق 50 كم في منطقة العفولة، فيما كان المقطع الثاني الذي بث مساء أمس يُظهر نجاح مسيرة بالوصول لمحطة كهرباء أوت رابين في الخضيرة بعمق 73 كم. الأمر الذي يشير إلى أن القدرة الاستطلاعية لحزب الله نجحت في اختراق الإجراءات الاستخبارية الدفاعية للاحتلال.

وأكد أبو زيد في حديث لصحيفة "أخبار الأردن"، أنه رغم تصعيد حدة الخطاب الإعلامي للاحتلال حول خيار شن عملية عسكرية تجاه حزب الله، إلا أن المؤشرات تدل على غير ذلك. لافتًا إلى أن الخسائر الكبيرة التي تعرض لها الاحتلال في غزة، والقوات المتوفرة شمال الأراضي المحتلة لشن عملية عسكرية تجاه حزب الله غير كافية من منظور عسكري لمواجهة قدرات حزب الله.

هشاشة الوضع الاستخباراتي والاستطلاعي لدى أجهزة الاحتلال

وأشار أبو زيد إلى أن بعض تصريحات جنرالات الاحتلال توحي بأن مطبخ القرار العسكري يستشعر مدى خطورة الذهاب باتجاه الخيار العسكري، وخاصة بعد المقطع الذي نشره حزب الله عبر طائرة مسيرة كشفت مدى هشاشة الوضع الاستخباراتي والاستطلاعي لدى أجهزة الاحتلال. الأمر الذي يدفع العسكريين إلى ضرورة التفكير بإعادة تقييم قدرات حزب الله الهجومية وقدرات جيش الاحتلال الدفاعية والاستخباراتية.

ولفت أبو زيد إلى أن الأمر الآخر والأهم هو أن البيئة الإقليمية والدولية لا تدعم خيار توسيع دائرة الصراع في المنطقة على الأقل خلال المدة المنظورة، لذلك من غير المرجح أن يذهب الاحتلال باتجاه خيار عملية عسكرية تقليدية على الأقل لغاية شهر سبتمبر القادم.

مخرج لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو

ورجّح أن الاحتلال قد يذهب باتجاه عملية جراحية تجاه أهداف محددة عالية القيمة قد تصل إلى العمق اللبناني في الضاحية الجنوبية، لإعادة نظرية تفوق الردع تجاه حزب الله والمنطقة. لذلك يبقى القرار الأنسب للاحتلال هو أن يذهب باتجاه الترويج الإعلامي بإنهاء العملية العسكرية في غزة والتحول إلى مرحلة أقل حدة، للاستعداد لعملية عسكرية تجاه حزب الله. ذلك يمكن أن يكون مخرجًا لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو أمام اليمين الذي يهدد الائتلاف الحكومي ويطالب بعملية تجاه حزب الله مع الاستمرار بالضغط في غزة.

وأشار أبو زيد إلى أن تداول المواقع العبرية بشكل كبير لوصول حاملة الطائرات الأمريكية روزفلت إلى المنطقة يدل على أن الاحتلال يستقوي بالجانب الأمريكي ويروج لفكرة الحرب ولا يريدها. حيث وصول "روزفلت" لا يعني مؤشرًا يعزز أن هناك عملية قريبة، لأن "روزفلت" وصلت لاستبدال حاملة الطائرات "إيزنهاور" الموجودة أصلاً في المنطقة، بالتحديد في البحر الأحمر للمشاركة في العمليات ضد الحوثيين. بالتالي وصول الحاملة الاستراتيجية "روزفلت" خيار أمريكي استراتيجي لضمان التفوق الاستراتيجي الأمريكي في الممرات المائية الدولية وليس مؤشرًا لتعزيز احتمالية انطلاق حرب ضد جنوب لبنان.

قرار الحرب

وأضاف أبو زيد أن قرار الحرب شمال الأراضي المحتلة وجنوب لبنان ليس بيد إسرائيل ولا بيد حزب الله، بل بيد واشنطن وطهران لأن هذه البقعة الجغرافية تحكمها محددات جيواستراتيجية وتختلف عن الواقع الاستراتيجي في قطاع غزة. لذلك يبدو أن هناك اتفاقًا أمريكيًا إيرانيًا ضمنيًا لمنع الانزلاق إلى عملية عسكرية تقليدية قد تكون غير محسوبة النتائج خاصة في ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ونوه بأن إيران التي تتقن إدارة حرب الوكلاء تعرف أن المعادلة تشير إلى أنه في كل حروب الوكلاء "إذا ربح الوكيل فإنه يربح هو ومن وكله، وإذا خسر الوكيل فإنه يخسر لوحده".