هل الضفة جبهة منسية؟

غزة منذ بداية الحرب عليها في أكتوبر الماضي، وإلى أجل غير مسمى، تجاوزت حالتها أن توصف بالحرب، بل هي سلسلة مذابح وقتل جماعي، أجبرت العالم الذي كان نائماً أو محيداً نفسه، على الانتباه إلى أن ما تفعله إسرائيل لا يستحق التنديد والإدانة فقط، وإنما يتطلب معالجة لا يستبعد العقاب منها، وها هي محكمة العدل الدولية تتقدم خطوات بهذا الاتجاه، وكذلك محكمة الجنايات.

أمّا على الصعيد السياسي فإسرائيل المدللة، أضحت معزولةً تماماً على الصعيد الدولي سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث الأغلبية الساحقة ضدها تماماً، أو في مجلس الأمن الذي لولا الفيتو الأمريكي لرأيناها وراء قضبان العدل الدولي.

مذابح غزة التي لم تخلو منها يوم واحد من أيام الحرب الطويلة، فالتدمير الذي أكل الأخضر واليابس في المكان الأكثر اكتظاظاً بالناس والأصغر مساحة، يبدو أنه لفت الأنظار عن حرب شديدة القسوة على الضفة وناسها، لا دمار للمباني كما يحدث في غزة، ولا أرقام عالية في الشهداء بذات الأرقام التي تحدث في غزة، إلا أن ما يجري لا يقل فداحة عن ما يجري في غزة، فهنا.. عمل إسرائيلي منظم ومنهجي يبدو في ظاهره جزئياً وبطيئاً، ولكنه من حيث المردود المباشر يحول حياة الناس إلى جحيم لا يطاق، الاجتياحات للمدن والقرى والمخيمات، بما تخلفه من قتل ودمار وتخريب للمرافق العامة، وعذاب التنقل من مكان إلى مكان، والتدهور المتسارع للحياة الاقتصادية، وليس احتجاز أموال الفلسطينيين هو كل شيء في هذا المجال، الحياة في الضفة مستهدفة من قبل التحالف الشيطاني بين الجيش والمستوطنين، وكأن الضفة والتنكيل بها مجرد حدث ثانوي منسي بفعل صخب الحدث الرئيسي المستقل في غزة.

المؤسف الذي يحتاج إلى علاج فوري هو أن ما يحدث في الضفة، أضحى مجرد خبر عابر في الصحف، وأن الصمت وقيلة الحيلة وانعدام المبادرة جعلا منها جبهة خطرة بالفعل ولكن منسية!

 

راي مسار