الهجرة غير الشرعية للأردنيين .. مشكلة تستحق الوقوف عليها

د. مالك القصاص

انتشار الفيديوهات والشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج وتشجع على الهجرة غير الشرعية من خلال تهريب البشر عبر الحدود الأمريكية يمثل تحديًا خطيرا. كما انه وبحسب الخبراء هذه الفيديوهات المنشرة على المنصات هي الوجه العام لصناعة غير قانونية متطورة للغاية بمليارات الدولارات استفادت من الارتباك بشأن التغييرات في سياسات الهجرة الأمريكية، لنشر المعلومات المضللة. وهذا الانتشار يمكن أن يؤدي إلى زيادة محاولات الهجرة غير الشرعية وما يتبعها من مخاطر واستغلال.

 

تشير التقارير انه يتسلل مئات الآلاف من المهاجرين سنويا إلى الولايات المتحدة عن طريق الحدود مع المكسيك التي يبلغ طولها 3100 كيلومتر. كما وتبين ان الأغلبية العظمى من المهاجرين هم من دول أميركا الوسطى، إلا أنه خلال الأشهر الأخيرة، اكتشفت سلطات الهجرة في المكسيك نموا كبيرا في عدد المهاجرين غير النظاميين من دول عربية ومناطق أخرى.

 

يعتمد مروجو الهجرة غير الشرعية ومافيات الاتجار بالبشر على تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تسهل انتشار المعلومات المغلوطة والشائعات، مما يؤدي إلى تضليل الناس بشأن سهولة أو أمان الهجرة غير الشرعية. كما ويتم ترويج الصور الإيجابية، حيث تظهر بعض الفيديوهات رحلات ناجحة للهجرة غير الشرعية، مما قد يشجع الآخرين على اتخاذ نفس الخطوة دون إدراك المخاطر الحقيقية. كما ويستهدف تجار البشر الفئات الضعيفة مستغلين حاجتهم لتحقيق حياة أفضل والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

 

في ذات السياق، لابد من توضيح ان الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة عبر المكسيك ليست سهلة وتنطوي على مخاطر كبيرة، كالمسافات الطويلة والمخاطر الجغرافية، حيث ان العبور عبر المكسيك يتطلب اجتياز مسافات طويلة وصحاري شاسعة ومناطق ذات تضاريس صعبة، مما يعرض المهاجرين لمخاطر الجفاف والجوع والعطش. وكذلك الابتزاز والسرقة والعنف والقتل، حيث قد يتعرض المهاجرون للابتزاز والعنف من قبل عصابات تهريب البشر والجماعات الإجرامية التي تسيطر على طرق التهريب. وكما قد يتعرض المهاجرون للاعتقالات والترحيل، وخصوصا ان السلطات المكسيكية والأمريكية تراقب الحدود بشكل صارم.

ومن الجدير بالذكر، ان وزير الخارجية الأمريكي بلينكن قال في تصريحات له ان الولايات المتحدة تكثّف جهودها لمنع الهجرة غير النظامية، وأضاف ايضا ان الولايات المتحدة "كثّفت جهودها ضد أولئك الذين يحتالون على المهاجرين الأكثر عرضة للخطر، لا سيما أولئك الذين يستقدمون أشخاصاً من آسيا وإفريقيا ومن مختلف بلدان أميركا الوسطى".

 

وأخيرا، المطلوب منا كحكومة وشعب، أن نتحرك لمواجهة خطر الهجرة غير شرعية وتهريب البشر من خلال عمل خطة شاملة للحد من هذه الظاهرة وحماية الأفراد من المخاطر التي قد يتعرضون له كالنصب والاستغلال والعنف. لابد ان تشمل الخطة على العمل على تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية في الأردن للحد من دوافع الهجرة وتقديم برامج تدريبية ومشاريع تنموية تخلق فرص عمل محلية للشباب. وكما لابد ان تشمل على التوعية المجتمعية لتوضيح مخاطر الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر. وكذلك يجب العمل على تعزيز جهود مراقبة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، والتعاون مع الشركات المالكة لهذه المنصات لإزالة المحتوى الذي يشجع على الهجرة غير الشرعية أو يقدم معلومات مضللة. وكذلك يجب تطبيق القوانين بصرامة على من ينشر أو يروج لمحتوى يدعم تهريب البشر أو الهجرة غير الشرعية، كما ومن المطلوب منا كأفراد مراقبة الشارع الأردني وابلاغ الجهات المعنية عن اية تجاوزات.