موسى الساكت ينعى حملة "صنع في الأردن".. السياسة المالية للحكومة تزيد المديونية
قال المحلل الاقتصادي موسى الساكت، إننا في الأردن لم نتعلم من تجربتنا خلال جائحة كورونا، مبينا أن جلالة الملك أكد في أكثر من مناسبة أنه علينا الاعتماد على الذات، وأن نركز على صناعة المواد الأولية، ولكن حتى الآن لم نتقدم بهذه الاتجاهات سواء في القطاع الخاص، أو الحكومة التي لم تتقدم في دعم هذه المحاور.
وأضاف الساكت في حواره الشامل مع صحيفة "أخبار الأردن" الإلكترونية، أن الحرب الروسية- الأوكرانية، وتأثيراتها انعكست علينا فيما يخص أبعادها الاقتصادية، لا سيما وأن 80% من مدخلات الإنتاج لدينا مستوردة، كما أن 70% من موادنا الغذائية مستوردة أيضا، وعليه فإن أي حرب أو أزمة في العالم تؤثر علينا مباشرة كأردنيين، من حيث ارتفاع الأسعار.
وتابع أن الحكومة حيال هذا الارتفاع لم تستطع القيام بشيء، إلا أن جلست كالشرطي تراقب الأسعار في الأسواق، مع أن واجبها ليس هذا الدور، بقدر ما هو وضع السياسات والخطط الاستراتيجية، والتعاون مع القطاعات الصناعية والتجارية والسياحية.
وفي الحديث عن الشراكة ما بين الحكومة والقطاع الخاص، رأى الساكت أن هذه الشراكة غير موجودة على الأرض بشكل مؤسسي، بقدر ما هي شراكة تواصل واتصال، مشيرا إلى وجود "تشتت" في القطاع الخاص نفسه، من خلال وجود ثلاث غرف صناعية في المملكة؛ بما فيها غرفة صناعة الأردن.
ولفت إلى أنه لا يوجد لدينا "اتحاد" يجمع القطاعين الصناعي والتجاري تحت مظلة واحدة، كالدول المختلفة حول العالم، باعتبارهما جناحي الاقتصاد الوطني، ولكن كلا منهما يغني على ليلاه فيما يخص مصالحه.
وتساءل الساكت عن المصلحة الاقتصادية العليا للوطن، مبينا أن هذه المصلحة تحتم وجود هذا "الاتحاد" ليكون عونا للحكومة في وضع السياسات الاقتصادية للنهوض بالقطاعات المختلفة.
وأكد على أن النهج الاقتصادي الأردني ليس له بوصلة، فكل حكومة لها خطتها ونهجها الاقتصادي، ولا يوجد هدف استراتيجي للدولة الأردنية، وهذا ما سعى له جلالة الملك حين دعا للورشة الاقتصادية في الديوان الملكي، التي اجتمعت وخرجت بخارطة اقتصادية للدولة الأردنية، بحيث تكون هذه الخارطة عابرة للحكومات كما تعهد جلالة الملك حتى عام 2033.
ولفت الساكت إلى السؤال الأهم، وهو ماذا عن واقعنا الاقتصادي اليوم؟، وهذا ما لم تتطرق له الورشة، ولكن هذا ما تنبه له جلالة الملك حينما طالب الورشة بوضع حلول سريعة لتصحيح المسار الاقتصادي، وهذا يتطلب من الحكومة العمل مع القطاع الخاص، لعقد ورشة عمل خاصة، لاقتراح حلول سريعة تصحح المسار الاقتصادي، الذي يراه الساكت في تراجع.
وفيما يخص البطالة، قال إن أرقامها كبيرة، مبينا أن نسبة البطالة في العام 2011 كانت 12%، ولكنها اليوم وخلال 11 عاما تضاعفت بنسبة كبيرة حتى وصلت إلى 24%.
وفي السياق ذاته، أشار الساكت إلى نسب الفقر التي وصلت وفق أرقام وزارة التخطيط إلى 27%، في ظل عدم وجود نمو اقتصادي يتعدى حاجز الـ2,1%، يرافق هذا ارتفاع في المديونية والعجز، داعيا إلى تصحيح المسارات السريعة، لأهم ثلاث تحديات تواجه القطاعات بشكل عام.
واعتبر أن من أولى هذه التحديات، هي الطاقة، بوصفها مدخلا مهما من مداخل الإنتاج الرئيسية بنسبة تتراوح ما بين 28-40% من كلف الإنتاج، مبينا أن تخفيض كلف الطاقة يزيد من منافسة المنتج الأردني وتصديره.
وتطرق الساكت إلى بعض التصريحات الإعلامية التي تتحدث عن زيادة في معدل الصادرات، مؤكدا أن هذه الصادرات ارتفعت ولكنها عبارة عن أرقام في المطلق، ولا يوجد أرقام حقيقية للصادرات، التي يرى أنها تراجعت، مع تأكيده على أهميتها بوصفها موردا مهما للنمو الاقتصادي والخزينة.
وتابع: خلال الـ11 عاما الماضية تراوحت الصادرات الأردنية بين 4,7 مليار دينار و5,2 مليار دينار، ولم نزد عن ذلك، وهذا دليل على وجود التحديات.
ورأى الساكت أن التحدي الثاني يتمثل بالنقل، مبينا أن النقل مرتفع بسبب ارتفاع أسعار المحروقات، كما أن بعض الدول لا نستطيع الوصول إليها بسبب النقل الخارجي المرتفع أو أنه غير موجود من حيث عدم توفر البواخر التي تصل لهذه الدول.
وأشار إلى أن التحدي الثالث يتمثل بكلف التمويل، التي ما زالت مرتفعة، وهذه تسمى بالسياسة المالية، التي هي بيد الحكومة والتي تعتبر صلب عمل الحكومة، موضحا أنه إذا تم تغيير هذه السياسة المالية وتجويدها، فإن الصناعة ستزدهر والقطاعات الأخرى ستزدهر وتتطور أيضا، وهذه السياسة المالية هي من تأتي بإيرادات للخزينة؛ لذلك تتردد الحكومات في تعديلها.
وأضاف الساكت: مشكلتنا تكمن في السياسة المالية، مبينا أنها السبب في عجز الميزان التجاري، وسبب في زيادة المديونية، داعيا إلى النظر فيها.
وأشار إلى وجود من "يستهدف النجاح"، لافتا إلى أن بعض الأشخاص لم يعتد بعد على العمل للصالح العام والعمل الجماعي.
وتحدث الساكت عن حملة "صنع في الأردن" التي تولى رئاسة لجنتها، مبينا أنه لم يكن هناك ترويج للصناعة الوطنية منذ عام 1962 الذي تأسست فيه غرفة الصناعة، وموضحا أن هذه الحملة خطت خطوات ملموسة على صعيد تعزيز ثقة المستهلك في الصناعة الوطنية، ولكن هذه الحملة تم استهدافها من قبل بعض الأشخاص الذين شعروا أنها تهدد كيانهم ووجودهم وشعبيتهم.
ولفت إلى أن هذه الحملة بعد استقالته من غرفة الصناعة في العام 2020 لم نعد نسمع عنها شيئا، رغم ما تردد من أخبار صحفية عن رؤية جديدة لإطلاق حملة صنع في الأردن، علما أن هذه الحملة كانت تدار من قبل لجنة قوامها 14 شخصا.