أفكار الصباح
حسن البراري العجارمة
كيف لا ترى الولايات المتحدة أن دولة الاحتلال أصبحت عبئا كبيرا عليها في وقت تسعى فيه لاتمام استدارتها نحو الشرق؟! في السابق لم اشتري مقولة القوميين العرب بإن إسرائيل هي مشروع استعماري ينتهي بانتهاء مصالح الدول الراعية لها، وكانت وجهة نظري أن إسرائيل تستغل بشكل بشع المصالح الاستعمارية لتعزيز مشروعها الاستيطاني الاحلالي. بمعنى أنها لا تقدم تنازلات في مشروعها ارضاء للغرب الراعي لها وانما تناور وتتلاعب وتشتري الوقت وتحاول خلق الوقهم بتطابق مصالح الغرب مع مشروعها في المنطقة.
في التسعينيات برز نقاش حول فيما إذا كانت اسرائيل عبئا أم ذخرا استراتيجيا للولايات المتحدة، ولكن عندما أطلق صدام حسن 39 صاروخا دكت دولة الكيان وعندما شنت إيران "هجومها" الأخير على اسرائيل كنا نلاحظ أن الولايات المتحدة هي من يهب لنجدة إسرائيل، وعليه كيف يمكن لها أن تكون ذخرا استراتيجيا وهي غير قادرة على ردع خصومها أو صد هجومهم؟!
هنا يقدم جون ميرشايمر وستيفن والت كتاب "لوبي إسرائيل" ليفسر لنا هذه المعادلة المقلوبة ويجادلان أن لوبي إسرائيل يلعب دورا بارزا في رسم سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة برمتها. بمعنى إن القوى المناصرة للمشروع الصهيوني تستغل الهامش السياسي والاعلامي والمالي في الولايات المتحدة لتدفع الإدارات المتعاقبة لمحاباة إسرائيل، فالمسألة بهذا المعنى ليست مرتبطة بمصالح غربية أو غيرها. ومثال على ذلك احتلال العراق، هل كان احتلال العراق من مصلحة الولايات المتحدة؟ يجادل المؤلفان أنه لم يكن كذلك لكن لوبي إسرائيل هو من رسم السياسة والتأثير من خلال حفنة من المحافظين الجدد الذين استغلوا ارتباك بوش الإبن في اعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
الحراك الجامعي الأخير في كبريات الجامعات الأمريكية ربما يضعف لوبي إسرائيل، وربما على العرب التفكير جديا بان هنالك فرصة قد لا تتكرر تسمح لهم خلق لوبي عربي ممول عربيا وإعادة التفكير في كيفية توظيف فائض المال للتأثير على الادارات الأمريكية أو على الأقل لمنع لوبي إسرائيل بالاستفراد بالإدارت الأمريكية.
أعرف ان النتيجة الأخيرة هي أقرب إلى التمنيات منها لأي شيء آخر، فالعرب لا يتفقون على تعريف لأمنهم القومي، وهنا غاب المثقفون والباحثون والاعلاميون عن هذه النطقة التي تشكل منطلقا لمشروع عربي فاعل يصنع الفارق ويأخذه الآخر على محمل الجد.