"تحت ظلال الاستهانة والإهانة"
دعاء العجارمة
منذ زمن طويل يخضع الفكر العربي للاستهانة، وأن المفكرين الغربيين هم من يحملون راية الذكاء والتقدم. ولكنني سأقف ضد هذه النظرة النمطية، لأن تاريخنا العربي وأقصد الفكري والثقافي بالتحديد لا يمكن إنكاره.
إذ يعود تاريخ الحضارة العربية إلى قرون عديدة، وقد شهدت المنطقة إسهامات كبيرة في مجالات العلوم والفلسفة والأدب. فقد كانت العربية لغة العلم والمعرفة في العصور الوسطى، وكثر فيها دارسة الفلسفة والرياضيات والطب.
ولا يمكن إغفال إسهامات المفكرين العرب في تطوير الفكر الإنساني. فقد كتب أبناء العرب عن مواضيع فلسفية معقدة، وطوّروا أفكارًا تأثرت بها الحضارة الغربية. مثلما ترك الفيلسوف الأندلسي ابن رشد بصمة عميقة في الفلسفة والطب، وأثر الفيلسوف التونسي ابن خلدون بفلسفته الاجتماعية على عدة علوم، ولا يمكن نسيان مساهمات ابن سينا في الطب والفلسفة.
تتميز الثقافة العربية بالإبداع والفنون، فهي لم تقتصر على العلوم والفلسفة فحسب، بل امتدت لتشمل الأدب والشعر والعمارة والفنون التشكيلية. ومن خلال إبداعاتها، أثبتت الحضارة العربية على مر العصور أنها ليست مجرد مستقبلة للمعرفة، بل هي مبدعة ومساهمة فعّالة في تطويرها.
إن استمرار نشر نظرية الاستهانة بالفكر العربي لن يخدم سوى التحيّز والتقليل من قيمتها وإهانتها. لقد أثبتت المساهمات العربية في مجالات العلم والفلسفة والفنون على مر العصور أن العرب يتمتعون بالذكاء والإبداع بما لا يقلّ عن أي حضارة أخرى.
إنه الوقت لنشر الوعي بتراثنا الفكري العربي العظيم وإثبات أن العرب يستحقون المكانة الرفيعة في عالم الفكر والمعرفة.
ما دعاني لإنعاش ذاكرتي وذاكرتكم بهذه الحقائق هو ما أراه وأسمعه في الآونة الأخيرة ... كيف يمكن لعربي أن يستخف بعربي آخر وينجذب لحديث الغربي حتى ولو كان تافها لمجرد أنه غربي او لأنه تلقى العلم في دول غربية ومدارس غربية او لانه يتقن الهاي والباي ..
إلى متى ستبقى الغربنة هي الكفة الراجحة؟؟ والى متى سيستمر الاستخفاف بعقول العرب وقدراتهم؟؟ وإلى متى سيظل الانبهار بمن سرق عقولنا وأوطاننا وهويتنا ووضع غشاوة على أعيننا؟؟ والى متى والى متى والى متى ...
إلى مالا نهاية ...