إيضاحات قانونية في اعتصامات طلبة الجامعات الأمريكية
المحامي الدكتور يزن دخل الله حدادين
يحمي التعديل الأول للدستور الأمريكي حرية التعبير مهما كان محتواها جدلياً أو مُسيئاً. وينصّ التعديل على أن لا يُصدر الكونغرس الأمريكي أي قانون خاص يحد من حرية الكلام أو الصحافة أو من حق الناس في الاجتماع سلمياً وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف. لكن المحكمة العُليا الأمريكية حكَمت عام 1942 بأن التعديل الأول للدستور الأمريكي لا يحمي من يستخدم ما يسمى بـ "الكلمات القتالية".
لهذا، فإنّ اعتقال الشرطة الأمريكية لمئات الطلاب بسبب احتجاجات دعوا فيها جامعاتهم إلى سحب مواردها المالية بالكامل من الشركات والمؤسسات الإسرائيلية أو تلك المستفيدة من التعامل مع اسرائيل يطرح تساؤلات حول دستورية وقانونية فضّ الاحتجاجات باستخدام القوّة.
على الصعيد الآخر استدعت إدارات جامعات أمريكية، منها عامة مثل جامعة تكساس، ومنها خاصة مثل جامعة كولومبيا الشرطة لتفريق احتجاجات واعتقال طلاب يرفضون فضّ اعتصاماتهم التي تطالب بوقف الحرب في غزة. وترى إدارات بعض الجامعات أن الطلاب يردّدون شعارات تعتبرها "معادية للسامية"، وتقول إنّها تسيء بشكل غير مباشر للطلاب اليهود في الجامعة. في حين تقول جامعات أخرى إن سبب فضها للاحتجاجات يتعلّق بالإزعاج الذي يسببهُ الطلاب المحتجون للطلاب الآخرين على مقاعد الدراسة، أو تعطيل الدروس، أو قطع بعض الطرق داخل الحرم الجامعي، أو احتلالهم للمباني. طالبت إدارة الجامعات الطلاب المعتصمين في الحرم الجامعي بفض التجمع، بسبب ما قالت إنها انتهاكات صارخة لسياسات الجامعة. وأضافت أنها دعمت حقوق الجميع في الاحتجاج السلمي، لكنها مجبرة على حماية سلامة وأمن مجتمع الحرم الجامعي، بسبب تقارير موثوقة عن سلوك المضايقة والترهيب. كما حذرت أن الاعتصام يشكل انتهاكا جسيماً، وأنهم قد يتعرضون لعقوبات تأديبية.
ويمنع التعديل الأول من الدستور الأمريكي اعتقال أي شخص لتعبيره عن رأيه، ولكنه، لا يحمي أي شخص يمارس استهدافاً شخصياً عبر مضايقات أو تهديدات، أو من يخلق بيئة معادية واسعة النطاق ضد الطلاب المُستضعفين. كما واجهت الجامعات مشكلات مع عبارة "من النهر إلى البحر" التي يرددها الطلاب خلال اعتصاماتهم في الجامعات الأمريكية وبدأ البعض يعتبرها على أنها دعوات لإبادة اليهود ومعاداة للسامية. وفي هذا السياق وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2019، أصدر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أمراً تنفيذياً يسمح بتطبيق الباب السادس من الدستور الأمريكي على حالات معاداة السامية في الحرم الجامعي، في خطوة أثارت بعض الانتقادات في حينه بأنها قد تحدّ من حرية التعبير.