ثورة علمية.. علاج واعد لفاقدي البصر
تطرقت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها إلى تطور تقني وطبي ملحوظ يتعلق بعلم البصريات الوراثي، الذي أصبح يمكّن البشر من استعادة البصر، خاصةً للأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.
ووفقًا للصحيفة، يُعتبر التهاب الشبكية الصباغي مرضًا خلقيًا يصيب واحدًا من كل 5000 شخص، أي أكثر من مليوني شخص في جميع أنحاء العالم. ومع مرور الوقت، يفقد المصابون بالمرض رؤيتهم تدريجياً، مما يؤثر في حياتهم اليومية.
ومع ذلك، فإن الحلول لهذا المرض أصبحت متاحة، حيث قامت شركة "ساينس" في كاليفورنيا بتصميم عضو اصطناعي بصري يُدعى "ساينس آي"، الذي يمكنه استعادة البصر بشكل محدود للأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.
ويشير ماكس هوداك، الرئيس التنفيذي لشركة "ساينس"، إلى أن هذه التقنية جزء من مجموعة من الجهود البحثية التي تهدف إلى تطوير حلول لاستعادة البصر، مع مشاركة شركات أخرى مثل GenSight Biologics في باريس وBionic Sight في نيويورك.
يستند الباحثون في هذه الشركات جميعًا إلى علم البصريات الوراثي في عملهم، حيث يعتبر هذا العلاج الجيني شكلًا من أشكال العلاج الجيني. يقوم علم البصريات الوراثي بتقديم بروتينات تُسمى الأوبسينات إلى العين عبر الحقن، مما يعزز حساسية الخلايا للضوء في شبكية العين، والتي تُعتبر طبقة الأنسجة الموجودة في الجزء الخلفي من مقلة العين.
وقد نقلت الصحيفة تصريحات أناند سواروب، الذي يعمل كباحث كبير في المعهد الوطني للعيون في بيثيسدا بولاية ماريلاند، حيث أشار إلى أن العلاج البصري الوراثي يظهر نتائج جيدة في الحالات التي يكون فيها الشخص أعمى تمامًا. لكنه أشار إلى أن هناك مجالًا للتحسين في تمييز الأشياء المختلفة.
وأوضحت الصحيفة كيفية عمل علم البصريات الوراثي، حيث يتم دخول الضوء إلى العين من خلال العدسة ويشكل صورة على شبكية العين. وتتكون شبكية العين من عدة أنواع مختلفة من الخلايا، بما في ذلك المستقبلات الضوئية، التي تحتوي على الأوبسينات. يهدف العلاج الجيني هنا إلى تحسين حساسية هذه الخلايا للضوء، مما يساعد في استعادة البصر لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.
المستقبلات الضوئية في شبكية العين تعتبر خلايا حساسة للضوء، وتأتي في شكل قضبان ومخاريط وتحتوي على الأوبسينات، وهي بروتينات حساسة للضوء. عندما يصل الضوء إلى المستقبلات الضوئية، تقوم بتحويله إلى إشارات كهربائية، وهذه الإشارات تنتقل إلى الخلايا العقدية في شبكية العين. بعد ذلك، تنقل الخلايا العقدية هذه الإشارات الكهربائية عبر العصب البصري إلى الدماغ، حيث يتم معالجتها وتفسيرها كمعلومات بصرية.
في حالة التهاب الشبكية الصباغي، يحدث تدهور وموت المستقبلات الضوئية، مما يؤدي إلى فقدان الرؤية المحيطية وظهور الرؤية النفقية. وعلى الرغم من هذا التدهور، يبقى الدماغ قادرًا على معالجة الإشارات الكهربائية التي يتم إرسالها من خلال العصب البصري.
يهدف علم البصريات الوراثي إلى تعزيز القدرة على الرؤية من خلال تحسين استجابة الخلايا العقدية للضوء. ويتم ذلك عن طريق توصيل بروتينات الأوبسين مباشرة إلى الخلايا العقدية، مما يجعلها قادرة على الاستجابة للضوء وإرسال إشارات إلى الدماغ. هذا النهج يمكن أن يساعد في استعادة الرؤية لدى الأشخاص المصابين بالتهاب الشبكية الصباغي.
تتضمن الطرف الاصطناعي البصري Science Eye "ساينس آي" عنصرين رئيسيين، وفقًا لما ورد في الصحيفة. العنصر الأول هو عملية الزرع التي تشمل ملف طاقة لاسلكي ومصابيح LED الدقيقة المرنة للغاية. يتم تطبيق هذه المصابيح مباشرة على شبكية العين من خلال عملية جراحية شمولية. توفر هذه المصابيح دقة تبلغ ثمانية أضعاف دقة شاشة "آيفون"، وتستخدم لاختبار النماذج الأولية على الأرانب.
أما العنصر الثاني، فهو زوج من النظارات البصرية اللاسلكية التي تحتوي على كاميرات مصغرة تعمل بالأشعة تحت الحمراء وملفات طاقة حثية. تشبه هذه النظارات النظارات الطبية العادية في الحجم والشكل.
تتكون العملية الكلية من ثلاث خطوات. الخطوة الأولى تشمل حقن الأوبسينات في الخلايا العقدية للعين. الخطوة الثانية تتضمن تثبيت الزرع الذي يحتوي على المصابيح LED على شبكية العين. أما الخطوة الثالثة، فتشمل استخدام النظارات لتنشيط الخلايا العقدية المعدلة من خلال توصيل المعلومات لاسلكيًا من العالم المرئي. تقوم هذه الخلايا العقدية الجديدة، التي أصبحت حساسة للضوء، بنقل المعلومات عبر العصب البصري إلى الدماغ.