أمريكا تتولى القيادة الميدانية المباشرة في غزة
بعد أن تحولت رفح إلى معضلة دولية، ومن خلال فداحة الإجرام الإسرائيلي الذي أدى إلى مقتلة هي الأبشع في القرن الحادي والعشرين.
وبعد أن لم تعد أمريكا التي هي المزوّد الوحيد لوسائل القتل والتدمير، قادرة على تبرئة نفسها أمام الإدانة الدولية الشاملة، بدأت بتطوير شراكتها المباشرة في الحرب بصورة رسمية ولكن مخففة هذه المرة، من خلال الخطة التي عرضها رئيس الأركان الأمريكي على نظيره الإسرائيلي، وهي بالجملة والتفصيل تعني انتقال القرارات الميدانية ليس بشأن رفح فحسب وإنما بشأن معارك غزة كلها إلى غرفة عمليات رسمية مشتركة، وبالتأكيد ستكون اليد العليا في قراراتها للأمريكيين.
الخطة التي أعلنتها القنوات التلفزيونية الإسرائيلية تتفادى الاجتياح العسكري للمدينة، الذي يخلف مئات القتلى في اليوم الواحد، ويدمر آلاف البيوت، وهو الاجتياح الذي يُذكّر بما كان يفعل التتار والمغول في حروبهم، واستبدال هذا النوع من الاجتياحات بحصار مطبق على المدنية والقيام بعمليات خاطفة لأهداف تحددها الاستخبارات. أي أن الخطة الامريكية تختلف عن الإسرائيلية بأن القتل فيها أخف، والدمار فيها أقل، وبدل أن تكون المقتلة بالجملة يجري تنفيذها بالتقسيط.
لقد أخلى الأمريكيون، السياسيين وعلى رأسهم نتنياهو من المشهد، ليتولى الجنرالات الأمر كله، وهذه المرة توضع الخطط في البنتاغون، وتنفذها غرف العمليات الرسمية المشتركة، وحين تفعل أمريكا ذلك فهي لن تتوقف عند رفح أو جنوب غزة، ولا حتى عند الحرب ذات الأهداف المشتركة بين الحليفين، وإنما لتحديد معالم ما بعد الحرب للمنطقة كلها، والمفتاح سيكون رفح.- (مسار)