تأثير الصيام على المرأة المرضع ومتى ينبغي أن تفطر؟
أفتى معظم علماء المسلمين بأن المرأة المرضع يجوز لها الفطر خلال شهر رمضان المبارك. حتى إن البعض يقول إنه من الخطأ الإصرار على الصيام عندما تكون الحالة الجسدية أو الصحية تستدعي المزيد من الراحة والتغذية.
وما بين الاختلاف في قضاء هذا الصوم في وقت لاحق، أو إطعام مسكين عوضاً عن ذلك، تظل هناك تساؤلات تدور حول متى تقرر المرأة المرضع أن تواصل صومها خلال الشهر الكريم، ومتى يجب عليها الإفطار مخافة الإضرار بنفسها وطفلها.
كيف تصوم المرأة المرضع بأمان في رمضان؟
إذا كنت أماً مرضعاً وتنوين الصيام، فمن الأفضل التخطيط لذلك مسبقاً. إذ خلال شهر رمضان، في الساعات التي يُسمح فيها بتناول الطعام، تناولي الكثير من الماء للحفاظ على رطوبة الجسم طوال ساعات الصيام. وهذا مهم بشكل خاص إذا كان المناخ حاراً خلال أيام شهر رمضان في بلدتك.
كذلك من المهم على المرأة المرضع طوال فترة الرضاعة الطبيعية أن تتناول الأطعمة المغذية كجزء من نظام غذائي متوازن، خاصة قبل الصيام وبعده، ويمكن ذلك من خلال الحرص على تنوع المكونات الغذائية على طاولة الإفطار، وكذلك الحرص على تناول وجبات السحور المشبعة والمغذية المليئة بالعناصر والفيتامينات والمعادن اللازمة للجسم.
ومن الضروري معرفة أنه لا يُنصح بصيام شهر رمضان إذا كنتِ حاملاً في الثلث الثاني أو الثالث من الحمل، أو كنتِ أماً مرضعاً وتعانين من إحدى الحالات الصحية التي تستلزم استهلاك الكثير من المياه، مثل تلف الكلى أو التهابات المثانة وغيرها.
وإذا كانت الأم المرضع تعاني من أية مشاكل طبية، مثل السكري أو الضغط، فيجب عليها التحدث إلى طبيبها قبل الصيام، للتأكد من أن الأمر آمن بالنسبة لها ولطفلها.
تأثير الصيام على منسوب حليب الرضاعة
على الرغم من أن الصيام طقس ديني في العديد من الأديان، على رأسها الإسلام والمسيحية واليهودية، لكن لا تزال الأبحاث حول آثار الصيام على الرضاعة محدودة للغاية.
ومع ذلك، فقد أظهرت بعض الدراسات أن الصيام أثناء الحمل والرضاعة بشكل عام لا يؤثر على وزن الطفل أو يؤثر على تغذيته.
في المقابل، كشفت أبحاث أخرى أن المرأة المرضع التي تلتزم بالصوم يومياً لمدة طويلة قد لا تتناول كميات مناسبة من المغذيات الأساسية لدعم إنتاجها من الحليب.
وخلص الباحثون إلى أن النساء المرضعات اللاتي يصمن عادة خلال شهر رمضان يجب أن يأخذن رخصة الإفطار، حيث إنهن معفيات من الناحية الدينية من هذه الممارسة عند الضرورة وخوفاً من الضرر.
إذ توضح النصائح التقليدية المتعلقة بالتغذية أثناء الرضاعة الطبيعية أن المرأة تحتاج إلى 330 إلى 600 سعرة حرارية إضافية يومياً لدعم إنتاج الحليب لديها، هذا إضافة لمنسوبها اليومي المعتاد من السعرات.
مخاطر محتملة على قيمة الحليب الغذائية اللازمة لطفلك
علاوة على ذلك، من المهم تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة، والتركيز بشكل خاص على الأطعمة التي تحتوي على كميات صلبة من البروتين والحديد والكالسيوم. وبالتالي فإنه من خلال تناول المرأة المرضع ما يكفي من الأطعمة، يتم ضمان البقاء بصحة جيدة، وأن يحتوي حليبك على ما يكفي مما يحتاجه طفلك لينمو.
ومن الجدير بالذكر أيضاً أن الكثير من سوائل الجسم اليومية تأتي من الطعام الذي نتناوله. لذلك إذا كان الصيام يقلل من كمية الأطعمة التي تتناولينها، فقد يقلل أيضاً من كمية السوائل التي تصل لجسمك.
بمعنى آخر، من الضروري في النهاية استشارة الطبيب قبل اتخاذ قرار الصيام، صحيح أن الأمر قد لا يسبب ضرراً في معظم الحالات، لكنه قد لا يستحق المخاطر المحتملة، مثل فقدان مخزون الحليب.
وتشير الأبحاث المحدودة المتوفرة حالياً إلى أن الصيام لا يؤثر بالضرورة على المغذيات الكبيرة الموجودة في حليب الثدي. ومع ذلك، فإن بعض المغذيات الدقيقة الموجودة في حليب الرضاعة قد تتأثر "بشكل كبير".
وفيما يخص النساء الصائمات في شهر رمضان، أظهرت إحدى الدراسات أن إنتاج الحليب ظل كما هو قبل وأثناء الصيام. لكن ما تغير هو تركيز اللاكتوز والبوتاسيوم والمحتوى الغذائي الإجمالي للحليب.
كيف يمكنك معرفة ما إذا كان الطفل يحصل على ما يحتاجه؟
هناك بعض الأشياء التي قد تشير إلى وجود مشكلة، وهي:
طفلك خامل أو شديد النعاس معظم الوقت.
يستغرق الطفل وقتاً طويلاً جداً أو قليلاً جداً في الرضاعة من الثدي. قد تختلف جلسة التغذية "العادية" من حين لآخر من حيث الوقت، لكن عند صوم رمضان تأكدي من النظر بعناية لملاحظة وجود أية فروق ملحوظة.
إذا كان طفلك لا يتبرز بما فيه الكفاية. مرة أخرى، قد يكون نمط البراز لدى طفلك فردياً ومختلفاً، لكن لاحظي أي اختلافات عن المعتاد لديه.
إذا كان طفلك يعاني من الجفاف. قد تلاحظين أن الحفاضات جافة أو قد ترى بولًا داكنًا أو بنيًا داكناً في حفاضه.
إذا كان طفلك لا يكتسب الوزن اللازم أو يتأخر عن معدل التطور لمنحنى نموه.
شروط مهمة عند صوم المرأة المرضع
إذا كنتِ أماً مرضعاً وتخططين للصيام، من الضروري شرب سوائل إضافية في الأيام التي تسبق الصيام وأثناءه. كذلك حاولي التقليل من الأنشطة البدنية والتعرض للحرارة قدر الإمكان أثناء الصيام، وذلك لأن الرضاعة تستهلك سوائل الجسم، وبالتالي قد تهددين نفسك بالتعرض للجفاف.
لكن بشكل عام، من غير المحتمل أن يسبب الصيام أثناء الرضاعة الطبيعية أي ضرر لطفلك.
ومن المهم أن ترضعي طفلك طبيعياً كما تفعلين عادةً للحفاظ على إرواء طفلك وإشباعه. ويمكنك التحقق من رطوبة جسم الطفل من خلال مراقبة بوله وبرازه ومقارنته بحصيلة يومه المعتاد.
أما إذا كنتِ قلقة حول كفاية طفلك من الرضاعة بسبب صومك في رمضان، من الضروري التحدث إلى اختصاصي الرعاية الصحية على وجه السرعة.
قد تجدين أنه في اليوم التالي أو نحو ذلك بعد الصيام، قد يبدو طفلك أكثر جوعاً ويريد الرضاعة كثيراً. وهذا أمر طبيعي وعادةً ما ستعودين إلى روتين التغذية المعتاد في غضون أيام قليلة من الاستمرارية على الصيام.
أما إذا كنتِ تعانين أنت أو طفلك من أي مشاكل طبية، أو كان طفلك خديجاً أو حديث الولادة، استشيري طبيبك أو استشارية الرضاعة المتخصصة لمعرفة ما إذا كان الصيام فكرة جيدة بالنسبة لك أم لا.