عندما تكلم كوشنر

رجا طلب

زوج الست هو توصيف مصري جميل ومعبر يطلق على الشخص الذي يعيش في جلباب زوجته أو أهل زوجته، وفي عالم السياسة يوجد الكثير من الأمثلة على مثل هذه الشخصيات التي استمدت وتستمد بريقها الاجتماعي وقيمتها السياسية من خلال المصاهرة والارتباط بزوجة لها قيمتها الاعتبارية والاجتماعية، ومن أبرزهم على مستوى العالم وبلا منازع جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وزوج ابنته ايفانكا الذي عينه ترامب مستشارا له.

 

كوشنر ومعه «الست» كانا منسيان لولا زيارتهما المثيرة للاشمئزاز الى مستوطنات غلاف غزة كتعبير عن التضامن مع الاحتلال ضد ما اسمياه «الارهاب الفلسطيني»، وهي الزيارة التي مرت مرور الكرام في سياق الاحداث العالمية المتسارعة إلا أن «زوج الست» أدرك أن دعم عمه دونالد ترامب لا يكون بمثل هذه الخطوة «السياحية» بل تحتاج إلى أكثر من ذلك من التعبير عن مواقف حاسمة نصرة «لإسرائيل»، فقام وبالتعاون وبالتنسيق مع جامعة هارفارد إلى تنظيم حوار مع البروفسور المصري - الأميركي طارق مسعود أستاذ الديمقراطية والحكم في جامعة هارفارد المتخصص بهذا النوع من الحوارات المهمة والاستراتيجية والذي نجح في أخذ تصريحات ومواقف من «زوج الست» غير مسبوقة من أي شخصية سواء أكانت أميركية أو يهودية أو صهيونية، وباختصار فقد تحدث كوشنر ليس كيهودي ولا صهيوني بل بلغة مسؤول إسرائيلي بمستوى نتنياهو بل أكثر تطرفا منه ومن أخطر ما قاله هو ما يلي:

 

• الكشف الصريح والمباشر عن مشروع تهجير أهل غزة إلى النقب أو الى سيناء بغية الاستفادة من قطاع غزة وبخاصة المنطقة الساحلية كمشروع استثماري حيث قال ما نصه (أن عقارات القطاع ذات الواجهة البحرية قد تكون ذات قيمة عالية)، وهنا علينا التركيز على خلفية الرجل المهنية ألا وهي سمسار عقارات تطور إلى مطور عقاري والآن مستثمر في عالم العقار تماما مثلما هو حال عمه «دونالد ترامب» فالاثنان يمارسان العمل السياسي بعقلية سمسار العقار والأراضي وهي عقلية لا تقيم وزنا لقيمة الوطن، فالوطن بالنسبة لهما هو قطعة أرض تباع وتشترى.

 

• أما المسالة الثانية التي توقفت عندها فهي قوله (إقامة دولة فلسطينية» ستكون مكافأة لعمل إرهابي ارتكب في إسرائيل)، وهذا التصريح هو استنساخ من تصريحات نتنياهو بهذا الخصوص.

 

• لم يكتف كوشنر بما سبق بل كلف نفسه ليكون مدافعا عن «إسرائيل» بنفس منطق نتنياهو وغالانت وقال (اعتقد أن إسرائيل» بذلت قصارى جهدها» لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين).

 

• أما الحدة في خطورة ما قاله (زوج الست) هو هذا النص (إنه لو كان صاحب القرار لقام بتجريف شيء ما في النقب» وإخراج أكبر عدد من المدنيين من خلال «فتح شيء ما في النقب، وإنشاء منطقة آمنة هناك، ونقل المدنيين إلى الخارج، وإنهاء المهمة، وبالطبع يقصد مهمة ما اسماه خلال الحوار مع البرفسور مسعود «تظيف غزة» وهو تعبير لم يتلفظ به إلى الآن عتاة الصهيونية لا الصهيونية الدينية ولا الصهيونية القومية.

 

من سوء حظي وسوء حظ غيري من الكتاب والمحللين أن يتحول كلام زوج إيفانكا إلى مقال نحلل فيه كلام هذا الشخص الضحل فكريا وثقافيا، وأن جل ما ذكره خلال المقابلة كان يردده كتلميذ، ولا أعلم حقيقة من هو الأستاذ والمعلم الذي لقنه هذا الكلام، لكن ما قاله كوشنر يعد بأي حال من الأحوال هو مشروع دونالد ترامب الذي بات وبحكم الكثير من المعطيات والمؤشرات هو الرئيس الأميركي القادم، وهو ما يعني أن المنطقة ستدخل مرحلة خطيرة من اختلال التوازنات السياسية والاقتصادية والتي ستكون فيها دولة الاحتلال هي الرابح الاكبر، وبكل أسف إلا إذا تم الاستعداد لذلك من الآن للتعامل مع ترامب وصهره وتفعيل منطق (تبادل المصالح بدلا من منطق سطوة المصالح).

 

Rajatalab5@gmail.com