رمضان في زمن الحرب
عوني الداوود
شهر رمضان هذا العام مختلف تماما بكل المقاييس عن رمضان الماضي، بل وعن جميع السنوات الماضية والسبب «الحرب على غزة»، هذه الحرب العدوانية الهمجية التي أسفرت حتى يومها الـ(165) عن استشهاد أكثر من 31 ألف شهيد وجرح أكثر من 73 ألفا في حرب إبادة لم يشهدها التاريخ المعاصر من قتل وتدمير وتجويع وتعطيش وغيرها من كامل عناصر جريمة الإبادة الجماعية.. هذه الحرب انعكست تداعياتها على الأردن الأقرب جغرافيا وتاريخياً ووجدانياً وسياسياً وفي كل شيء إلى فلسطين وأهلها.. وإلى غزة العزّة وما يجري فيها.. لذلك فرمضان هذا العام كانت له تداعيات اقتصادية واجتماعية مباشرة أذكر جانبا منها على النحو التالي :
اقتصادياً واجتماعياً:
1 - رغم توفير جميع السلع الاستهلاكية الرمضانية وغير الرمضانية وبكافة أصنافها وفي جميع الأسواق إلا أن المؤشرات الأولية للأسبوع الأول من الشهر الفضيل تشير إلى تراجع أحجام الشراء بنسب تزيد على 30 % مما هو المعتاد في شهر كان الاستهلاك فيه يزيد لثلاثة أضعاف المعتاد في باقي أشهر السنة.
2 - هناك تراجع كبير وملحوظ في حجوزات الإفطارات في المطاعم والفنادق عمّا هو المعتاد في كل عام، وقد انعكس ذلك على تراجع كميات الطلب التي كانت تحجزها الفنادق والمطاعم الكبرى من مواد غذائية سواء كانت لحوماً أو دواجن أو خضروات أو ألبان ومشتقاتها.. إلخ.
3 - تراجع في حركة الشراء عموماً وفي جميع الأسواق بما فيها الملابس والأحذية التي كانت تنشط عادة منذ بداية الشهر الفضيل كاستعداد مبكر للعيد.
4 - حتى أسواق ومحلات بيع «زينة رمضان» تراجعت ولم تكن كالمعتاد عليه في كل عام.. لإحجام كثيرين عن إبداء مظاهر الزينة.
5 - إفطارات رمضان و«العزومات» الكبيرة خفّت وتراجعت كثيراً واقتصر معظمها على «الأقربين».
6 - حركة النقل بين المحافظات تراجعت لتراجع «العزومات».. حتى حركة زيارات عطلة نهاية الأسبوع بين المحافظات.
7 - تراجع الإقبال على اللحوم تحديداً قياساً برمضان الفائت لعدة أسباب منها: تراجع حجم الاستهلاك ولارتفاع الأسعار نتيجة ارتفاع كلف الشحن وما يتعلق به كواحدة من تداعيات إغلاقات باب المندب والبحر الأحمر.
8 - في المقابل هناك قطاعات انتعشت وفي مقدمتها كل ما يتعلق بـ «الطلبات الذكية» للطعام والشراب.. خصوصاً حركة ما قبل الإفطار.
9 - المؤسستان الاستهلاكيتان المدنية والعسكرية بكافة فروعهما بجميع مناطق المملكة كانت الأوفر حظاً حيث شهدت فروعها ولا تزال تشهد حركة شراء نشطة نتيجة للعروض التي قدمتها ووفرتها بأسعار منافسة جداً.
10 - في المقابل هناك توجيه لكثير من أوجه الصرف والانفاق الى دعم الأشقاء في غزة من خلال التبرعات العينية والمالية من خلال القنوات الرسمية والأهلية.
11 - صناديق ادخارية عديدة أجّلت الأقساط لمدّخريها.. في حين كان كثيرون يأملون بأن تتخذ البنوك قراراً بتأجيل القروض.
إجراءات حكومية :
1 - للحدّ من أية تداعيات اقتصادية لإغلاقات باب المندب والبحر الأحمر، وبالتالي ارتفاع كلف الشحن والتأمين البحري والعمالة نتيجة اضطرار السفن لسلوك طريق الرجاء الصالح الأبعد مسافة والأعلى كلفة..للحد من كل ذلك اتخذت الحكومة إجراءات استباقية للحفاظ على أسعار في متناول المستهلك خلال الشهر الفضيل.
2 - في مقدمة تلك الإجراءات دعم «الاستهلاكية المدنية» بنحو 3 ملايين دينار لتتحمل البيع بأسعار متدنية بسعر الكلفة أحياناً تخفيفاً على المستهلكين وتوفيراً لجميع السلع الأساسية والرمضانية تحديداً.
3 - توفير مخزون استراتيجي آمن من المواد الأساسية وتحديداً القمح والشعير.
4 - تعزيز الرقابة على الأسواق.
5 - استمرار «البنك المركزي» بتمويل البرامج التي سبق وأعلنها في مواجهة جائحة كورونا تخفيفاً على القطاع الخاص.
6 - اعتماد سقف جمركي على الحاويات الواردة كما كانت قبل 7 أكتوبر 2023.
- ما ذكرته بعض الشواهد الملموسة والتي تؤكد بأن أحداث الحرب على غزة كانت ولا تزال تسيطر على المزاج العام المتأثر بكل ما يشاهده ويتابعه من مآسٍ وجرائم ترتكب ضد الأهل في غزة.. وانعكس كل ذلك على الحركة الشرائية والتقارب الاجتماعي المعتاد في هذا الشهر الفضيل، الذي ندعو الله جلّت قدرته أن يكون شهر نصر وعزّة وتفريج للكرب.. اللهم آمين.