الهجوم الأميركي على نتنياهو

د. محمد المومني

تسريبات عديدة نقدية من قبل إدارة بايدن تجاه نتنياهو. الإدارة الأميركية تشعر أن نتنياهو لا يعي الإبعاد والحساسيات المرتبطة بقرارته في الحرب، وأنه أحرج أميركا والعالم بسبب التكلفة الإنسانية الباهظة التي يتكبدها الشعب الفلسطيني، وإمعان نتنياهو بعدم إدخال المساعدات الإنسانية، ما جعل الغزيين على شفير المجاعة بسبب نقص الغذاء والاحتياجات الإنسانية. بايدن يواجه صعوبات انتخابية بسبب تعامله مع حرب غزة، وهو في هذه الزاوية المحرجة بسبب تعامل نتنياهو العسكري القاتل والإجرامي مع ملايين الفلسطينيين. هذا النقد أمر مهم جدا لأن الإدارة الأميركية ما زالت من يعطي الغطاء ويحمي إسرائيل سياسيا ودبلوماسيا، وهي أيضا المصدر الأساسي لتفوقها العسكري. لكن ما هو أهم من نقد الإدارة الأميركية لإسرائيل، الانتقادات الأخيرة التي أتت من زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشك شومر، والتي تحدث فيها عن ضرورة إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل، وإن الحكومة اليمينية الإسرائيلية أخسرت إسرائيل كثيرا من قبولها الدولي وجعلت من الصعب الدفاع عنها، وأن الحكومة اليمينية الإسرائيلية لا تهتم لمصالح إسرائيل بقدر ما تهتم ببقائها السياسي، وقد أساءت لشكل إسرائيل حولتها لدولة مارقة. كلام قوي جدا وصف بالزلزال في واشنطن، لأنه يأتي من أحد أهم وأبرز القيادات الداعمة لإسرائيل، يوصف أنه عميد السياسيين الأميركيين اليهود وأقدمهم، حيث عمل في الكونغرس نائبا وشيخا منذ العام 1981.

نتنياهو وحزبه الليكود ردا فورا على هذه الانتقادات القاسية القادمة من القاعدة الداعمة لإسرائيل، وكان فحوى الرد أن إسرائيل ليست جمهورية موز بمعنى أنها مستقلة وذات إرادة ولا تأتمر من أسياد، وأنها تعتب على أصدقائها كيف أن ذاكرتهم قصيرة لأنهم نسوا 7 أكتوبر سريعا، وهو ثاني أسوأ هجوم تعرضت له اليهود منذ المحرقة، وسألتهم كيف يتخلون عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ولماذا لا يوجهون نقدهم لحماس وداعمتها إيران. بدوره رد زعيم المعارضة الإسرائيلية لابيد على نتنياهو بالقول إننا أبدا لم ننس، لم ننس من سمح بتمويل حماس بهدف تعزيز الانقسام الفلسطيني، ولن ننسى أنك كنت رئيسا للوزراء أثناء الهجوم من حماس، وأنك رئيس الوزراء الذي جعل إسرائيل دولة جدلية خسرت الكثير من أصدقائها، وأننا لن نستعيد الرهائن بسبب إدارتك للمعركة بفشل. رد قاس أيضا من قبل زعيم المعارضة يشير إلى إخفاقات نتنياهو المتكررة.

 

كل هذا الهجوم يشير إلى تراجع مستمر مطرد بقبول سياسات نتنياهو واليمين الإسرائيلي، وأن هذا اليمين من السوء بحيث أن أشد الداعمين لإسرائيل بدأوا لا يقبلون أو يفهمون اليمين الإسرائيلي المتشدد. إن يصل الأمر لأبرز داعم لإسرائيل في واشنطن، تشك شومر، والذي عرف بالهدوء والقبول، أن يقول من النقد ما قاله بحق الحكومة الإسرائيلية، فهذا نذير واضح بحجم الخسارة التي ترتبت على وجود اليمين، وأن مزيدا من القوى السياسية تنتظم لصالح قوى الاعتدال والسلام، والتي تقول إن إسرائيل لا يمكن ان تنعم بالأمن إلا إذا كان جيرانها الفلسطينيون آمنين مستقلين وقد حصلوا على كرامتهم الوطنية.