تحليل يحسم الجدل وينهي النقاش حول هلال رمضان
كتب الراصد الجوي مالك سعادة:
تجاوز عُمر هلال رمضان الـ 132 ساعة، (الليلة الماضية) ولكن لم تنتهِ النقاشات والتساؤلات بَعْد!.
الثلاثاء، هل كان ابن ليلة أم ابن ليلتين؟ نُنهي الجدل في هذا المنشور الأخير حول الموضوع.
تحديد عُمر الهلال بالنظر فقط هو كلام عامّي لا أكثر، ومن يُحدّد ذلك هم أهل الاختصاص ومن خلال برامج فلكيّة وحِسابات خاصّة.
لا يُمكن أن يخوض عامّة الناس في هذه المسائل وتحديد ما إذا كان صيامنا صحيح أم خاطئ بدون الارتكاز على علم ودراية بهذه الأمور، ومن له الحقّ في إعطاء رأيه هما اثنان لا ثالث لهما؛ مُختصّ في عِلم الرصد والفلك أو مُختصّ في علم الشريعة.
ورغم ذلك، المُختصّ في علم الرصد والفلك يجب أن يكون لديه أساسيّات في علوم الشريعة التي لها علاقة في الموضوع، والمُختصّ الشرعي يجب أن يكون لديه أساسيّات في علم الفلك وفهم عام للأهلّة وتفاصيلها.
مثال على ذلك، في كل شهر نرى القمر ونظنّه مُكتملاً في ثلاث ليالي مُتتالية، ونفس الشخص الذي كان يقول قبل أيّام بأنّ الهلال ابن ليلتين أو ثلاث من خلال النظر فقط يختلط عليه الأمر في مُنتصف كل شهر ولا يدري في أي ليلة من هذه الليالي الثلاث يكون القمر فيها بدراً!
السبب؛ لابد من أن تكون مُختصّ في هذا المجال والحاجة لاستخدام البرامج والحسابات الفلكيّة، ففي هذه الثلاث ليالي تكون نسبة إضاءة القمر بين 98.5-99.5% ولا يكتمل بنسبة 100% ويكون بدراً كاملاً إلا في ليلة واحدة فقط!
فعندما تكون نسبة إضائته 99.5% يظهر لك بالنظر أنه مُكتمل بدراً وتظنّه كذلك، ولكنه يحتاج إلى ليلة إضافيّة حتّى تُجبر هذه الكسور ويصل إلى مرحلة البدر بنسبة 100%.
الاختلاط والظن الذي يقع به عامّة الناس في هاتين الليلتين من مُنتصف الشهر هو نفسه في بداية الشهر، فقولك ابن ليلة أو ليلتين بالنظر فقط هو وصف عام وليس دقيق، والذي يُحدّد ذلك هو المُختصّ في ذلك باستخدام برامج وحسابات فلكيّة.
النقطة الأخيرة، يقول بعض الإخوة لماذا تُشكّك في من رأى الهلال، هل هم كاذبون وأنت الصادق؟!
أقول لكم يا إخوة، تسليمي وتصديقي لرؤيتهم الهلال هو تكذيب صريح للقرآن! فالآيات حول ذلك واضحة، وعلم الفلك مبني على هذه الآيات التي تؤكّد استحالة وجود خطأ في مسارات الكواكب وحركة النجوم والأقمار!
علم الأرصاد الجويّة هو علم ظنّي (احتمالي واحصائي) والخطأ فيه وارد دائماً، أما علم الفلك فهو علم قطعي وحتمي لا يحتمل الشك (هامش الخطأ 0.00001/ثانية، يكاد لا يُذكر) فالموضوع ليس وجهات نظر واختلاف آراء أو قناعة شخصيّة، وإنّما علمي حتمي لا يُمكن بأن يُخطئ إلى درجة كبيرة كهذه!
وأخيراً، أقولها لكل من شَهِدَ برؤية الهلال، ولمن صدّقه، جميع أجهزة الرصد الحديثة (التلسكوبات وغيرها) يمكن ربطها بكاميرات تصوير أو موبايلات، تقوم بالتقاط صورة مُباشرة للهلال الذي تمّت رؤيته بعد تكبيره عبر عدسات التلسكوب، أي تُلتقط له صورة كما تمت رؤيته بالعين من خلال أدوات الرصد هذه.
وفي كل عام تُشير الحسابات الفلكيّة فيه إلى إمكانيّة رؤية الهلال يتم نشر صورة مُباشرة له عند عمليّة التحرّي، وفي العام الذي لا يُمكن رؤيته ويدّعي أحدهم رؤيته لا يتم نشر أي صورة للهلال إطلاقاً! كما في هذا العام!
ألا يمكن وضع علامة استفهام كبيرة عند هذه النقطة لوحدها!
أليس عدم نشر صورة للهلال في يوم التحرّي هو دليل حتمي وقطعي أنّه لم يُشاهد أصلاً لهذا العام!
فرسالتي لكم، أثبتوا لي رؤيته بصورة واحدة فقط ومن أي دولة في العالم العربي موثّقة بالوقت والتاريخ، وسأراجع بعدها جميع دراساتي وقناعاتي حول هذا الموضوع.
أمّا الادّعاء المُستمر وغير المُقنع لرؤية الهلال في الوقت الذي لا تُشير الحسابات الفلكيّة إلى إمكانيّة رؤيته وبدون أي دليل على ذلك، بينما تُنشر صورة مُباشرة للهلال في الوقت الذي تُشير الحسابات إلى إمكانيّة رؤيته؛ فهذا يزيدني ثباتاً وإيماناً مُطلقاً بهذه الحِسابات والدراسات الحتميّة غير الاحتماليّة.
ثقتي بهذه الأمور منبعها آيات القرآن التي تؤكّد على ثبات ووضوح مسارات الكواكب والنجوم والأقمار وأفلاكها المحسوبة والمرسومة بدقّة ربانيّة عالية.
ودائرة الإفتاء الأردنيّة لها كامل التقدير والإحترام في موقفها، فهي مُتّزنة في قراراتها والتي أثبتت لنا بكل وضوح عدم رؤية الهلال من أي مكان في الأردن رغم امتلاكها كل أدوات الرصد الحديثة والمتطوّرة.
كما أنّه لم تثبت رؤيته من جميع الدول المُحيطة ومن بينها الإمارات التي تم التحرّي فيها باستخدام أجهزة رصد حديثة جداً ومتطوّرة للغاية، والدولة الوحيدة التي تُعلن رؤية الهلال في الوقت الذي لا يُمكن رؤيته إطلاقاً معروفة للجميع، وهو نهج تتبعه منذ سنوات طويلة، ثم تتبعها باقي الدول العربيّة مُباشرةً اعتماداً على هذه الرؤية.
ومن حيث دقّة بداية الأشهر الهجريّة وخاصّة شهري رمضان وشوّال؛ فالمغرب هي أكثر الدول حريصة ودقيقة في ذلك، تتبعها عُمان، ثمّ تأتي بعدهما الأردن في المرتبة الثالثة، أمّا باقي الدول، فالسكوت في الحديث عن ذلك أفضل!
والله لا أبتغي من هذه المحاولات في نشر المعلومات والخوض في هذه التفصيلات إلا إحقاق الحق وإظهاره بالأدلّة والبراهين مُستشهداً بآيات الله الحكيم وأحاديث النبيّ الصادق الأمين، والله على ما أقول شهيد.
(راجياً منكم عدم الدخول في دائرة مُغلقة من التساؤلات المُعتادة التي إمّا لا أصل فيها أو دليل علمي يُثبتها، أو تمّ الإجابة عنها سابقاً)
تاليا صورة للهلال مُنتصف الليلة الماضية، هل يُمكن لعامّة الناس ومن خلال النظر فقط تحديد هو ابن 5 أو 6 أو 7 ليالي وبشكل قطعي وبدون استخدام البرامج والحسابات الفلكيّة؟!