انقلاب سياسي

منير دية

سيناريوهات عديدة تنتظر إسرائيل بعد الفشل الذريع الذي منيت به حكومة الحرب بعدم تحقيق اياً من أهدافها المعلنة في عدوانها الغاشم على قطاع غزة ،فبعد ما يقرب من خمسة شهور لم تستطع تلك الحكومة استعادة أسراها ولا انهاء المقاومة الفلسطينية في غزة فضلاً عن عدم قدرتها على تهجير الفلسطينيين واحتلال قطاع غزة وفرض سيطرتها كما أعلنت في بداية الحرب .
ومع مرور الوقت بدء الخلاف السياسي بين أعضاء حكومة الحرب بالتصاعد فكل طرف يريد تحميل مسؤولية الإخفاق الأمني والسياسي للطرف الاخر وكلما زادت حدة الخسائر العسكرية في الميدان اتسع نطاق هذا الخلاف حتى وصل إلى المؤسسة العسكرية التي بدأت الانقسامات تظهر على السطح فهروب العسكريين من الخدمة والاستقالات الجماعية من مناصب حساسة داخل هذه الموسسة وفي هذا التوقيت بالذات مؤشر خطير على قدرة جيش الاحتلال على الاستمرار وإدارة المعركة بصورة صحيحة. 

الخسائر الاقتصادية بعشرات المليارات من الدولارات  التي تتكبدها إسرائيل منذ بداية الحرب حتى الان تزيد الخناق على حكومة الحرب فالاحتجاجات في الشارع الإسرائيلي تتصاعد يوماً بعد يوم والمؤسسات والشركات بدأت باغلاق أعمالها وتسريح موظفيها والهروب إلى خارج إسرائيل بحثاً عن فرص افضل للاستثمار والمواطن الإسرائيلي أصبحت حياته  المعيشية باهظة التكاليف  والتهديدات الأمنية من الجنوب والشمال لا زالت قائمة و النازحين من تلك المناطق يشكلون أداة ضغط على حكومة الحرب لعودتهم بأسرع وقت 
.
الاحتجاجات اليومية التي يقوم بها أهالي الاسرى في القدس وتل ابيب تعرقل سير الحياة هناك وتزيد الضغوط على حكومة الحرب وايضاً هناك  حراك جديد في الشارع الإسرائيلي يقوم به المتدينون اليهود (الحريديم ) احتجاجا على مشروع قانون جديد ينص على تجنيدهم في الخدمة العسكرية وينهي الإعفاء الشامل الممنوح لهم من قبل وهذه الاضطراب لا تخدم موقف حكومة الحرب في مفاوضات وقف إطلاق الناروقدرتها على إبرام هدنة مع الفصائل الفلسطينية.
أمريكا وحلفاء إسرائيل يحاولون جاهدين إبرام صفقة لوقف إطلاق النار قبل رمضان ولكن على ما يبدوا أن هذا الأمر صعب تطبيقه في ظل المعطيات الحالية والخلافات المتصاعدة بين أعضاء حكومة الحرب وهذا قد يدفع واشنطن بالضغط على نتنياهو عبر خصومه السياسيين وخاصة بعد وصول الوزير في حكومة الحرب ( غانتس ) إلى واشنطن والذي يحضر على ما يبدوا إلى انقلاب على نتنياهو بدعم أمريكي والذي قد يبدأ مباشرة بعد عودته من واشنطن .
سيطرة اليمين المتطرف على مفاصل الدولة في إسرائيل زاد من عزلتها عالمياً وأفقدها الكثير من تعاطف شعوب العالم الذي حظيت به على مدار عشرات السنوات وادخلها في أتون الصراعات الداخلية فالفراغ السياسي الذي تعيشه إسرائيل منذ اكثر من خمس سنوات والانتخابات المتكررة للكنيست وانهيار العديد من الحكومات في تلك الفترة هو مؤشر واضح على غياب القيادة السياسية الجامعة والتي تستطيع الحفاظ على هذا الكيان الذي دخل في نفق مظلم لن  يستطيع الخروج منه وان الأيام القادمة ستكون صعبة للغاية.