التوطين والتجنيس خطر أم مطلب؟

سميح المعايطة

 

إذا كان من دروس كبرى للعدوان على غزة فإن خطر التهجير كان الاكثر وضوحا في الخطاب والفكر الصهيوني منذ الايام الأولى للعدوان، وهذا الفكر لدى كيان الاحتلال يخص الفلسطينيين في الضفة وغزة وايضا له اسماء حركية عديدة للفلسطينيين في كل أماكن عيشهم وأيا ما كانت جنسياتهم، ومن ذلك نحن في الأردن الذين نواجه خطر الفكر الصهيوني من خلال عدة مسارات أكثرها وضوحا التهجير من الضفة للأردن او التهجير الناعم او عناوين اخرى تبدو احيانا وحدوية او انسانية..

 

 

وكل من هو صادق في تعبيره عن رفض العدوان على غزة او محاولة تهجير جزء من سكانها الى مصر وغيرها يفترض ان يكون رافضا اي شكل من اشكال التوطين السياسي لأي فلسطيني خارج ارضه وايضا رافضا لأي عملية تجنيس لأي فلسطيني ايا كان العنوان الحركي، ويفترض ان يكون معاديا لأي مشروع ظاهره وحدوي مثل الكونفدرالية او الفدرالية او عودة الضفة الغربية لحكم الأردن لأن كل هذه العناوين وأشكال التجنيس والتوطين ليست الا خدمة مباشرة للفكر الصهيوني وإيجاد وطن بديل للفلسطينيين على حساب حقوقهم الوطنية والسياسية التي يجب ان تكون على أرضهم وليس في اي مكان آخر.

 

كل صادق في رفض العدوان على غزة يفترض ألا يكون ساعيا او داعيا في نفس الوقت لتوطين او تجنيس او اي فكر مهما كان شكله الخارجي ومبرره الشكلي، فمواجهة الاحتلال تعني ان نغلق كل ابواب الشيطان التي يريد أن يفتحها خدمة لمشروعه، ولا قيمة لأي موقف يرفض التهجير من غزة ثم يكون من دعاة تهجير ناعم من الضفة او مشاريع تجنيس او توطين او استهداف للهوية الوطنية الأردنية وتلقائيا الهوية الوطنية الفلسطينية.

الصراعات الكبرى مثل القضية الفلسطينية ليست مع جيش احتلال فقط بل هي ايضا مع أفكاره وفكره الخطير، فالعدوان على غزة استغله الاحتلال لهجوم منظم على وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، واستطاع ان يؤثر على مواقف دول مهمة في تمويلها، وليس بعيدا ان نرى تغيرا ملموسا في دورها بعد الحرب، لأن الأونروا تعبير عن حق العودة، وضرب الاونروا خطير مثلما هو مشروع التهجير الذي ما تزال خطورته حتى اليوم، وكلما رفع اي شخص صوته لمشاريع التجنيس او التوطين السياسي او استهداف الهوية الوطنية الأردنية فهذا الصوت ايا كانت غايات اصحابه فهو خدمة حقيقية لفكر التهجير والعدوان والتوطين لدى الصهاينة..