رفح... لا تهجير.. ولا نصر مطلق
بالنظر إلى الإمكانيات المتوفرة لإسرائيل، كعدد القوات ونوعية المعدات والاستفراد بالجو والبحر، فبوسعها تغطية جنوب غزة كله، مثلما غطت شماله في بداية الحرب.
أمرٌ كهذا يمكن أن يحسم المعركة لو كانت بين جيشين تقليديين على مساحة واسعة. أمّا وأن الأمر ومنذ أول يوم وحتى الآن، قد تدحرجت حربه إلى داخل المدن والتجمعات السكانية فكما يقال عندنا " حساب السرايا ليس كحساب القرايا" وما كان ممكناً على الجبهات التقليدية ليس ممكناً على الجبهة المكتظة بالناس، ومقاتلي حرب العصابات الذين هم الأكثر دراية بتضاريس جبهتهم.
فالحرب تجري في شوارعهم وحواريهم وبين بيوتهم، فما أن يضطروا تحت ضغطٍ للانسحاب منها، فما أسهل أن يعودوا إليها، وهذا ما حدث في معارك شمال غزة والمدينة والمخيمات.
النصر المطلق الذي طرحه نتنياهو كشعار جديد لحربه المتعثرة وكهدف غير قابل للتحقق، يصوره صاحبه على أنه سيتحقق عندما يغرق خان يونس بالقوات ويغرق رفح ومحور فيلادلفيا.
في البداية لم يغفل مخططو الحرب على غزة حلم التهجير الكثيف إلى سيناء، فقد جُرب الأمر في حروب سابقة، حيث تدفق مئات ألوف الفلسطينيين إليها، تلمساً للسلامة، غير أن ذلك لم يُقرأ في إسرائيل كما يجب، لأن الذي حدث أن شخصاً واحداً لم يبقى في سيناء، وأن الجميع عاد من حيث أتى وفي ساعات معدودات، وإذا كان التهجير لا يفارق مخيلة الإسرائيليين إلا أن رفضه ومنعه لم يغادر أجندة الفلسطينيين مهما حدث.
أمّا النصر المطلق الذي يسوق به نتنياهو نفسه، فلا مجال لتحقيقه لا تكتيكياً ولا استراتيجيا، فما سيحدث في الجنوب هو تكرارٌ لما حدث في الشمال، إذ لا نصر على أي مستوىً إلا إذا كانت الانتصارات تتحقق بمجرد ادعائها في المؤتمرات الصحافية.