تقرير يشرح أسباب انخفاض الخصوبة في الأردن

قال خبراء إن الفترة الزمنية الأقصر للإنجاب، وأسلوب الحياة الحضري، وطبيعة التغذية، والتحولات الثقافية، ساهمت في انخفاض معدلات الإنجاب (الخصوبة) في جميع أنحاء الأردن.

وانخفض معدل الخصوبة الإجمالي بسرعة بين عامي 1990 و2002، حيث تغير من 5.6 إلى 3.7، ووصل إلى مستوى منخفض بلغ 2.6 في عام 2023، وفقًا لمسح السكان والصحة الأسرية في الأردن لعام 2023 الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة.

كشف المسح عن وجود فروق واضحة في الخصوبة عند مقارنة الإقامة في المناطق الحضرية والريفية. ونتيجة لذلك، فإن الخصوبة أعلى قليلاً في المناطق الريفية منها في المناطق الحضرية.

وأظهر المسح أن رغبة الناس في إنجاب المزيد من الأطفال وتفضيلات المباعدة بين الولادات قد تغيرت، ويشير إلى أن 57 في المائة من النساء المتزوجات لا يرغبن في إنجاب المزيد من الأطفال في المستقبل، و 15 في المائة إضافية ترغب في تأخير إنجاب طفل لمدة عامين على الأقل.

وسائل منع الحمل في الأردن

أما بالنسبة لاستخدام وسائل منع الحمل في الأردن، فإن 60% من النساء المتزوجات حالياً يستخدمن إحدى وسائل تنظيم الأسرة؛ 38% يستخدمن وسائل منع الحمل الحديثة، و22% يستخدمن الوسائل التقليدية. وبتتبع انتشار وسائل منع الحمل، ارتفع من 35 في المائة في عام 1990 إلى 61 في المائة في عام 2012، ثم انخفض إلى 52 في المائة في الفترة 2017-2018، ثم ارتفع مرة أخرى إلى 60 في المائة في عام 2023.

ونصف النساء اللاتي لديهن طفل أو طفلان يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة، في حين أن أكثر من 70 في المائة من النساء اللاتي لديهن خمسة أطفال أو أكثر يستخدمن وسائل منع الحمل، ويزيد استخدام وسائل منع الحمل مع ارتفاع التحصيل العلمي للمرأة، من 46 في المائة بين النساء غير المتعلمات إلى 62 في المائة بين الحاصلات على تعليم ثانوي أو أعلى.

عوامل تؤثر على الخصوبة

وقالت رجاء نوفل، أخصائية الخصوبة، إن “الخصوبة تتعلق بالقدرة الطبيعية على إنجاب طفل أو إثبات الحمل… والنساء لسن الوحيدات اللاتي يعانين من العقم، فهو يؤثر على كلا الجنسين”.

وحول تراجع معدل الخصوبة الحالي، قالت نوفل إن الخصوبة تتأثر بعدد من العوامل، بما في ذلك نمط الحياة والعمر والصحة العامة. بالنسبة للنساء، يعد العمر العامل الأكثر أهمية الذي يؤثر على خصوبتهن، في حين وجدت أحدث الدراسات أيضًا أن عمر الشريك الذكر يؤثر على فرص الحمل، مما يزيد من وقت الحمل.

علاوة على ذلك، قالت رجاء نوفل إن الوضع البيئي والمهني له أيضًا تأثير كبير على الخصوبة، مسلطة الضوء على الحاجة إلى توسيع الوعي بالخصوبة بين الأزواج وتزويدهم بالمعلومات والدعم الذي يحتاجون إليه.

وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن العقم هو مرض يصيب الجهاز التناسلي الذكري أو الأنثوي، ويتم تعريفه بالفشل في تحقيق الحمل بعد 12 شهرًا أو أكثر من الجماع الجنسي المنتظم دون طرق منع الحمل.

ومن الناحية الصيدلانية، قالت الصيدلانية الأردنية سناء سعيد: "نحن نشهد بالفعل انخفاضًا في معدلات الخصوبة... الكثير من الناس يتناولون مكملات غذائية معينة عند محاولة الحمل ولكن كل شيء يجب أن يتم تحت إشراف طبي".

وأضافت أن بعض الأدوية قد تغير الهرمونات التي تتحكم في الإباضة وبالتالي تتداخل مع الخصوبة. مع الإشارة إلى أن البيانات العلمية المتعلقة بالأدوية التي تؤثر على الخصوبة لا تزال غير مكتملة والأبحاث ما زالت مستمرة.

وتابعت: "لقد تم تقديم العديد من التفسيرات لسبب استمرار انخفاض الخصوبة.. حيث أصبح العقم أكثر شيوعًا مما يعتقده معظم الناس".

اختلالات هرمونية

وفي حديثها عن الممارسات اليومية التي تسبب اختلالات هرمونية، قالت أماني عمر، أخصائية التغذية واستشارية النظام الغذائي، إن العديد من عوامل نمط الحياة مثل التدخين والسمنة والأنظمة الغذائية غير الصحية تؤثر سلباً على الخصوبة.

وسلطت الضوء على أن الناس يعرضون أنفسهم طواعية للمواد الكيميائية المسببة لاختلال الغدد الصماء والتي لها آثار عكسية على الصحة العامة وتسبب اختلالات هرمونية حادة. وأشارت إلى أنه "تمامًا مثل الطعام الذي نستهلكه، من المهم التأكد من أن المنتجات التي نستخدمها آمنة".

تحولات إنجابية واضحة

وقال عالم الاجتماع حسين الخزاعي إن تأخير الزواج أو تأجيله في الوقت الحاضر هو أحد أسباب انخفاض معدلات المواليد في المملكة، في حين أشار إلى أن هناك تحولات إنجابية واضحة في البلاد وارتفاع في سن الزواج للرجال والنساء على حد سواء.

ويبلغ متوسط عمر المرأة عند الزواج الأول 29 عاما و31 عاما للرجال، بحسب الخزاعي الذي أوضح أن تراجع معدلات الزواج يرتبط بعوامل اجتماعية واقتصادية مختلفة.

ويرتبط انخفاض معدلات الإنجاب (الخصوبة) بعوامل عديدة، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الإنجاب، وتأجيل الزواج لكل من الرجال والنساء، والتحول إلى نمط حياة أكثر حداثة، وفق الخزاعي.