التدليل الأمريكي لإسرائيل.. ينتج خسارات مزدوجة
نبيل عمرو
إسرائيل تستمتع بإسناد ظهرها على الجدار الأمريكي.
في زمن مضى كانت الدولة العبرية توفر مزايا لأمريكا تفوق كثيراً ما كانت تقدمه أمريكا لها، إذ كانت تعتبر حاملة الطائرات الأكبر المنوط بها تأديب الشرق الأوسط الذي كانت دوله تنزع للتحرر والتحالف مع الاتحاد السوفياتي، وكانت حروبها المتكررة أحد أهم حقول التجارب لأحدث المخترعات الحربية الأمريكية، أي أنها كانت من منظور استراتيجي استثماراً مربحاً مهما أُنفق عليه.
جرت في أنهار الشرق الأوسط والعالم مياه كثيرة، انتهت الحرب الباردة بقواها ومكوناتها القديمة بانتهاء قطبها الأول الاتحاد السوفياتي، ونشأت في الشرق الأوسط علاقات وتحالفات مع أمريكا، لم تعد بفعلها إسرائيل استثماراً مربحاً لأن الدولة العبرية ذاتها أصبحت بحاجة لحماية أمريكية ولا يُنسى أنه حين قررت أمريكا شن حرب على العراق دفعت لإسرائيل مالاً وسلاحاً كي لا تتدخل، وفي وقتنا الراهن فرض الاستثمار في إسرائيل نزفاً لا يتوقف من المخزون الأمريكي المالي والتسليحي والسياسي، حتى صارت فواتير قتل الأطفال والمدنيين في غزة والضفة تُصرف من الرصيد الأمريكي كما أنتجت الحرب على غزة والمجازر الفظيعة التي ترتكبها إسرائيل فيها إشكالات مؤثرة داخل الدولة العظمى ومؤسساتها وعلى مستوى حلفائها، ما جعل أمريكا بعظمتها تبدو أمام العالم عاجزة عن لجم مدللتها أو حتى تخفيض منسوب الدم والدمار في غزة.
أمريكا تدفع أثمانا باهظة من احتياطياتها لتغطية مغامرات إسرائيل، وما دامت الحرب لم تضع أوزارها بعد فعشرات المليارات أُنفقت حتى الآن وستتضاعف ما دامت الحرب قائمة.
لننظر بموضوعية وحياد لإيقاع وزير الخارجية بلينكن خلال زياراته الأربعة للمنطقة، وكذلك لعشرات المكالمات الهاتفية بين الرئيس بايدن ونتنياهو، وبين الوزير أوستين وجالانت، وبين كل أمريكي في قمة القرار ونظيره الإسرائيلي.
العالم يرى بأم العين أن أمريكا في هذه الحرب بالذات لم تعد مجرد شريك له رأي بل مقطورة تجرها المغامرة الإسرائيلية ورائها على نحو جعلها تبدو أمام العالم الدولة الوحيدة التي لا تغطي الحرب فقط وإنما تمنع وقف إطلاق النار.