إرهاب المخدرات.. والخيارات الأردنية للمواجهة

كتب اللواء الركن المتقاعد عبدالله الحسنات 

لم تكن عمليات التهريب بالجديدة ضمن المناطق الحدودية لفترات طويلة من الزمن والتي كانت تتركز على الدخان وبعض المواد التموينية والاغنام من دول الجوار شمالا وشرقا ولكن ومنذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011 ازدادت وتطورت عمليات التهريب واصبح التهريب الرئيسي يتركز في المخدرات بانواعها المختلفة وخصوصا حبوب الكبتاجون وانواع اخرى مثل الكريستال وليكساس والحشيش وغيرها وقليل من الكوكائين والهيروين الا انها اصبحث اكثر تطورا وخطورة في السنوات الثلاث الاخيرة وخصوصا عندما ازدادت الكميات واصبحت المحاولات لادخال ملايين الحبوب مدعمة بالاسلحة الخفيفة والمتوسطة وبعض انواع المتفجرات بقصد ادخال المخدرات ومقاومة قوات حرس الحدود بالقوة وزاد من ذلك ايضا استخدام الطائرات المسيرة والسيارات المفخخة والمصفحة في عمليات التهريب اضافة الى وسائل الاتصال المتطورة وهذا تطور خطير للغاية حيث يدل على ان عصابات (ميليشيات) التهريب يدعمها ويقف وراءها جهات رسمية منظمة لديها القدرة والامكانية على امتلاك مثل هكذا انواع من الاسلحة والتكنولوجيا ولديها النفوذ ضمن المناطق الحدودية التي يتم من خلالها التهريب وبنفس الوقت هناك المستقبل (التاجر) في الداخل الاردني الذي يستخدم ايضا القوة ضد قوات حرس الحدود بهدف ادخال المخدرات ويتزامن ذلك مع وجود حواضن شعبية لهؤلاء المهربين وطبيعة المنطقة الجغرافية الصعبة وظروف الطقس (فصل الشتاء) وطول الحدود وتعدد عصابات التهريب المسلحة على الواجهه الشمالية والتكتيكات التي يستخدمها المهرب والمستقبل وازدياد حجم تجارة المخدرات في سوريا والتي تجاوزت 56 مليار دولار عام 2023 ومحاولة جعل الاردن دولة كبتاجون ومحاولة صناعة ميليشيات مخدرات مسلحة داخل الأردن وزعزعة الامن الوطني وازدياد جرائم المخدرات التي بلغت 150411 جريمة مخدرات خلال الاعوام (2013 -2022) حسب احصائيات مديرية الامن العام، وبدل ان كان الاردن بلد ممر للمخدرات اصبح مقراً للاسف لما يتجاوز 25% من المخدرات المهربة
ومع ذلك تقف القوات المسلحة الاردنية / قوات حرس الحدود بالمرصاد لكل من تسول نفسه بالمساس بأمن الوطن ومحاولة اغراق السوق بالمخدرات والاسلحة (بالرغم من ان القوات المسلحة يجب ان تتفرغ لواجبات أخرى اكثر أهمية ) وقد تغيرت  قواعد الاشتباك واصبح التعامل مع أي هدف يهدد امن الأردن داخل وخارج الحدود بالقوة وباستخدام كافة وسائل التقنية الحديثة لمراقبة الحدود وحمايتها وعلى رأس ذلك كله الدعم الملكي اللامحدود للقوات المسلحة والاجهزة الامنية وخصوصا المرابطة على الحدود 
وقد هدفت العمليات الاخيرة المتكررة شبه اسبوعي والتي تم القاء على عدد من المهربين وبحوزتهم كميات كبيرة من المخدرات وبعض الأسلحة وبناء على المعلومات المهمه التي حصلت عليها الأجهزة الأمنية حول اوكار تجار المخدرات في الداخل هدفت إلى التصدي لكل من يحاول المساس بأمن الأردن وحدوده وسلامة أبنائه، وإيصال رسالة ثقة وطمأنة للمواطنين والتي تعكس قوة الدولة ومؤسساتها في تطبيق القانون وصون الاستقرار وحماية المجتمع من آفة المخدرات والقضاء على أوكار التهريب في الأردن والخارجين على القانون ممن امتهنوا تهريب المخدرات والإتجار بها داخل المملكة، وارتبطوا بعصابات إقليمية تنشط عبر الحدود للتهريب 
وهنا اتساءل كما يتساءل الكثيرين هل تعي الحكومة خطورة ما يجري على الواجهة الشمالية (امنيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا...الخ) ام هل تبقى فقط القوات المسلحة والاجهزة الامنية في مواجهة هذا الخطر الارهابي الكبير ؟؟؟ وماذا لو دخلت واستقرت في الاردن الكميات الهائلة من المخدرات والاسلحة التي اعلنت عن احباطها القوات المسلحة الاردنية في اخر ثلاث سنوات والتي تجاوزت 70 مليون حبوب مختلفة الانواع وكمية من الحشيش والبودرة وعدد من الاسلحة النوعية؟ مما يعني ادمان معظم الشعب الاردني لو دخلت!!.. وماذا لو دخلت الاسلحة لتجار المخدرات الذين يمكن ان يستخدموها بلا ذمة ولا ضمير ضد اي هدف داخل الاردن؟؟ وماذا يعني محاولة صناعة ميليشيات مخدرات مسلحة في الاردن ومحاولة جعل الحدود الشمالية خاسرة ضعيفه؟ اسئلة خطيره بحاجه الى اجابات.. 
لذا ولتلافي ما ورد اعلاه وقبل ان نقع في المحظور الخطر لابد من وضع استراتيجية لمواجهة ارهاب المخدرات (استراتيجية وطنية واقعية منطقية مهنية علمية عملية قابلة للتطبيق) تشترك في تنفيذها كل مؤسسات الدولة والتي ارى ان تشمل :
•    خيارات سياسية رسمية مع الجانب السوري (وضع سوريا امام مسؤولياتها لحفظ الحدود حيث يطلب من الجانب السوري ان يكون اكثر حزما في التعامل مع ارهاب هذه العصابات والميليشات وان لا تسمح بالعبث بأمن الاردن وأن تحمي حدودها بشكل افضل) 
•    الاستمرار بالتعامل بحزم وقوة وبدون هوادة من قبل القوات المسلحة الاردنية / قوات حرس الحدود مع اي تهديد داخل  وخارج الحدود واستمرار الاجهزة الأمنية بملاحقة اوكار التجار والمروجين في الداخل  
•    تمكين الجبهة الداخلية ( التوعية المكثفة بمخاطر الاتجار والتعاطي... التوعية بمخاطر التستر على المهربين.. ايجاد حلول لمشاكل الفقر والبطالة خصوصا في القرى القريبة من المناطق الحدودية والعمل لتنمية هذه القرى.. زيادة التثقيف والوعي في كافة المؤسسات التعليمية)
•    الحزم بالتعامل مع الطابور الخامس في الداخل
•    نعزيز وتقوية دور الاعلام الايجابي (الرسمي والخاص) في مكافحة ارهاب المخدرات 
•    اعادة النظر في التشريعات المتعلقة بالاتجار والتعاطي بالمخدرات وتشديد العقوبة (عقوبة الاعدام لتاجر المخدرات)
•    اعطاء حوافز مجزية لمن يدلي باية معلومات عن تجار المخدرات
•    الضرورة القصوى لدعم القوات المسلحة الأردنية والاجهزة الأمنية من حيث ( التسليح.. التدريب.. الرواتب...الخ)
•    انشاء حواجز الكترونية على الحدود ضمن المناطق الخطرة
•    اعادة النظر في التفكير باقامة منطقة عازلة على الحدود مع سوريا
ولابد في النهاية ان يكون معلوما للجميع ان الأردن يحمي حدود كثير من جيرانه وأيضا الدول الأوروبية من هذه الآفة الخطيرة والتي يجب عليها ان تتحمل مسؤولياتها تجاه ذلك وتدعم جهود الاردن في حماية الحدود لأن امن هذه الدول هو جزء من أمن الاردن الشامل لمنع هذه العصابات من تنفيذ مخططاتها الاجرامية الارهابية
نحن احوج ما نكون صفا واحدا خلف قيادتنا في مواجهة من يحاول زعزعة الامن في اردن الخير..  
     حمى الله الاردن قيادة وشعبا وارضا...