حين يصبح التزييف نهجا

ازهية قرباع 

 

الأردن في مرمى الاتهامات
قد نعذر الفتاة صاحبة الفيديو المتداول التي تزعم فيه أن المستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة اعتذر  عن استقبالها أمس الجمعة، تقديراً للظروف التي تسببت بها الحرب، والآثار النفسية العميقة التي خلّفتها، ومما لا شك به، أن تقديم الخدمات العلاجية لمستحقّيها في غزة ضرورة إنسانية لا جدال بشأنها، إلا أن صعوبة الأوضاع في غزة، وأعداد المرضى والجرحى الكبيرة، وشح الأدوية، أجبر الكوادر الطبية على المفاضلة بين المرضى والجرحى لتقديم العلاج للأكثر استحقاقاً له من بينهم، ومما ذكرته الفتاة التي نتحدث عنها، أنها تناولت مسكنات للآلام وهو شيء شحيح في غزة، وأعني بذلك أن حالتها الصحية أفضل من حالات جرحى ومرضى غيرها، يعطيها المستشفى الميداني الأردني الأولوية في علاجها.

 

ولهذا، فإننا لا نعذر قناة فضائية تبث من الأردن على نشرها المغالطات والافتراءات حول امتناع المستشفى الميداني الأردني في غزة عن استقبال المرضى والجرحى !
إن أي تقرير، تبثه أي قناة فضائية، لا بد له أن يمر في أكثر من مرحلة قبل الموافقة على بثه، بدءاً من إعداده والتحقق مما ورد فيه، وليس انتهاءً مراجعته والاعتذار عنه إن تأكد زيف ما يتضمنه، وإن هذه أبجديات المهنة الصحفية التي لا تتوقف الفضائية المُشار لها عن القفز عنها، خصوصاً أن سجلّها في بث الأخبار والتقارير الزائفة بشأن الأردن يتذكرها الأردنيون جيداً، فتقريرها الأخير، ليس هو الوحيد الذي تضمن محتوى لا أساس له من الصحة، فقد سبق لها نشر إشاعة تفيد أن الأردن سيسمح لإحدى الدول العربية بالمرور عبر أجواءه لنقل الأسلحة والمساعدات إلى الكيان الإسرائيلي، يُضاف إلى ذلك أن تلك الفضائية لا تغطّي جهود الأردن في دعم أهل غزة، ولا تسلط الضوء على مساعيه السياسية والدبلوماسية لوقف الحرب المستمرة. إننا لا ننسى أن هذه القناة، أسأءت للأردن منذ انطلاقة بثها، ونشرت ما يتعارض مع عاداتهم وتقاليدهم، وما زالت تعطي الفرصة لمتابعيها لشتم الأردن والإساءة له بسبب الإشاعات المغرضة التي تتقصد نشرها ولا تعتذر عنها. 

بصفتنا مواطنين أردنيين، نتوقع محاسبة تلك القناة، وإخضاعها لمحاكمة عادلة، فما بثته مؤخراً، يعد تشكيكاً في القوات المسلحة الأردنية، المؤسسة التي تحظى بثقة النسبة الأعظم من الشعب الأردني، والتي لطالما لعبت دوراً محورياً في الدفاع عن القضية الفلسطينية وتقديم العون الطبي والإغاثي للشعب الفلسطيني الشقيق.

 نستنكر أن يُصبح الجيش العربي الأردني عُرضة للتشكيك بقدرته على الوفاء بواجباته القومية التي تتجلى في قطاع غزة، مثالاً عليها وجود مستشفيين ميدانيين في شمال القطاع وجنوبه، يديرها ويعمل فيها أبناء مدرسة الجيش التي لا تخرّج إلا الأبطال الذين تبرز جهودهم في مختلف ميادين الشرف والبطولة.  

أتساءل، إذا كان الإعلام الذي يُقال عنه السلطة الرابعة يتعاطى مع هذه القضايا بهذا الأسلوب، لماذا لا يتحرى الطريقة الصحيحة لممارسة هذه المهنة، حتى لا تُسحَق مصداقيته أمام المجتمع والجمهور!