محاسنة: المياه في الأردن تكفي مليوني شخص فقط
يصنف الأردن واحداً من أكثر الدول التي تعاني نقصاً في المياه حيث تقدر احتياجاته المائية بـ 3 ملايين متر مكعب يومياً للاستخدامات كافة، وفقاً للمؤشر العالمي للمياه.
لأجل ذلك، ولتخطي هذه المشكلة، يتوجه الأردن لتنفيذ مشروع “الناقل الوطني” كخيار استراتيجي لحل مشكلة عجز المياه المتفاقمة؛ إذ سيوفر 300 مليون م3 من المياه المحلاة سنوياً والتي ستستخدم في مجالات الشرب والزراعة والصناعة وغيرها، وستقلل من اعتمادية المملكة على مصادر خارجية في تأمين مياهها.
لفهم تفاصيل المشروع وأثره على تحسين الواقع المائي في الأردن، عقدت منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، في إطار برنامج القضية الفلسطينية، لقاءً حوارياً بعنوان: “مشروع ناقل المياه: حلم الأمن الوطني وتحديات التنفيذ”، الإثنين، استضافت خلاله الخبير المائي د. دريد محاسنة، وذلك ضمن السلسلة الثانية لندوات متابعة وتدوين وتوثيق تطورات الحرب في فلسطين، بالتعاون مع منتدى التنمية البشرية والاقتصادية (هدف) في النهضة العربية (أرض).
وحول مشروع الناقل الوطني، قال محاسنة إن “الظروف شاءت أن لا يرى المشروع النور لغاية الآن، حيث طرح للمرة الأولى عام 2011، ثم مشروع ناقل البحرين والذي كان يهتم برفع منسوب البحر الميت، لكن الاتفاقيات لم تتم بالشكل المطلوب، ولذلك طرح المشروع مرة أخرى عام 2019 ولغاية اللحظة في انتظار أن يتم تنفيذه.
ويتكون المشروع، بحسب الخبير محاسنة، من محطة على الشاطئ الجنوبي لخليج العقبة، ومحطة تحلية وضخ في العقبة، وخط ناقل بطول قرابة (450) كم، ويوفر مصدراً مستداماً لمياه الشرب ويسد الفجوة الحالية بين ما هو مطلوب، وما هو متوافر، وهو مشروع وطني بامتياز لا يرتبط بأي ارتباطات سياسية.
ورأى الخبير أن “وضعنا المائي ضعيف وفقير جداً، ولا يحل هذه المشروع مشكلتنا؛ إذ إننا لا نملك كميات كافية من المياه الجوفية.. وفي الوقت الحالي توجد لدينا مياه تكفي لـ 2 مليون من السكان، بينما يبلغ عدد سكان المملكة 11 مليون نسمة، وفق الحد الأدنى لنصيب الفرد من المياه وليس المعايير العالمية حتى”.
والسبب في ذلك، وفقاً لمحاسنة “كون المصدر الرئيسي لمياهنا هي الأمطار ونعتمد عليها بتغذية المياه الجوفية، إلا أنه في السنوات المميزة لدينا يهطل من الأمطار ما يقارب 7-8 مليار م3، ولكن يتبخر من هذه الكمية نحو 90%”.
واستكمل: “كما أن طرق البناء في الأردن أثرت على مخزوننا المائي، حيث بدأنا نبني داخل الأودية التي كانت توصل المياه إلى مصادر المياه الجوفية، وكانت عمان والزرقاء سابقاً مليئة بالسيول والآن لا توجد فيها مياه؛ بسبب تراكم الأبنية، بمعنى أن مشكلتنا الرئيسية تمثلت بزيادة السكان وزيادة البناء في أماكن لا يجب البناء فيها”.
وبين أن نهر اليرموك هو المصدر الرئيسي للمياه في الأردن؛ إذ إننا نتشارك في نهر اليرموك مع سوريا ويطلق عليه أسم “حوض اليرموك”، إلا أن سوريا في آخر 30 عاماً بدأت تتحول من زراعة أشجار الزيتون والمحاصيل البعلية إلى زراعة الخضروات، ولخدمة ذلك التحول حفرت الآبار وبنيت السدود نظراً لتغير النمط الزراعي، وهو ما أثر على حصتنا المائية من الحوض.
في سياق متصل، لفت محاسنة إلى أن هناك ما يسمى بـ”دول الملتقى” أي المتلقي الأدنى، وهي آخر دولة تصلها المياه، ونحن نمثل تلك الدولة في حالة نهر الأردن؛ حيث تبدأ منابعه من لبنان وسوريا ثم تنزل إلى فلسطين، مما يجعلنا نحوز أقل حصة من تلك المياه؛ لأن النهر لا يمر في معظم مساره في أرضنا. وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي حول بعد عام 1967 نهر الأردن من مجراه الطبيعي باتجاه البحر الميت إلى النقب، حيث نقلت معظم المياه بقنوات وأنابيب.
وحول إمكانية استقلالنا مائياً، اعتبر الخبير أن “مواردنا الطبيعية محدودة ولا تكفي مهما كانت لاحتياجاتنا من المياه”، قائلاً “هناك خيارات لحل هذه المشكلات، فأنا أؤيد نظرية وجود مياه جوفية في الأردن وأدعم فكرة الاستمرار بحفر الآبار والبحث عن المياه، والتكنولوجيا تطورت وهناك شركات متخصصة تستطيع تحديد مكان المياه وعمقها ونوعيتها".
ختاماً؛ أوصى المشاركون بضرورة تعاون مختلف الجهات والشركات التي تمتلك الخبرة والعلم والمال لتنفيذ مشروع ناقل المياه وإدارته بطريقة ناجحة واستراتيجية وهندسية، مع اتباع الممارسات الفضلى في التعامل مع مشكلة فقد المياه، والخروج بحلول إبداعية في هذا السياق، كما يتعين علينا تغيير النمط الزراعي في المملكة، والجلوس على طاولة الحوار لمناقشة قضايا الأمن الوطني من مياه وطاقة وغداء، وغيرها.