تمكين للدعم والمساندة تطالب بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية 190 حول العنف والتحرش في عالم العمل

 طالبت تمكين للدعم والمساندة الحكومة الاردنية بالمصادقة على اتفاقية منظمة العمل الدولية 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل وتوصيتها رقم 206، وتعديل المادة السادسة من الدستور الأردني بحيث يتم إضافة كلمة “الجنس” للفقرة الأولى منها، وإيجاد تعريف واضح في قانون العمل الأردني للتحرش، والعنف، والتمييز في مكان العمل، والعمل على إعداد استراتيجية وطنية لمناهضة العنف والتحرش في عالم العمل.

وقالت تمكين في مؤتمر صحفي عقدته اليوم الخميس للاعلان عن نتائج برنامج نفذته تمكين بالتعاون مع الصندوق الكندي لدعم المبادرات المحلية حول اهمية تبني وتطبيق اتفاقية منظمة العمل الدولية حول العنف والتحرش في عالم العمل رقم 190 انه من الضروري تفعيل التفتيش على المؤسسات والشركات للكشف عن أي حالات عنف غير مبلغ عنها من قبل أصحابها نتيجة الخوف من فقدان عملهم، وتوعية العمال بأهمية للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، وآليات تقديم الشكاوى، ورصد وتوثيق الانتهاكات المتعلقة بالعنف والتحرش في بيئة العمل بهدف معالجتها وإيجاد حلول لها، والعمل على تعزيز الحوار الاجتماعي مع أطراف الإنتاج لتطوير سياسات لمناهضة العنف والتحرش في مكان العمل، وتنفيذ حملات كسب تأييد تطالب بإيجاد بيئة خالية من العنف، إضافة إلى ذلك إنشاء قاعدة بيانات تتضمن البيانات لضحايا العنف والتحرش في بيئة العمل، واجراء دراسات عن واقع العنف والتحرش في مكان العمل وأثرهما على الإنتاج والاقتصاد.

وقالت مديرة البرامج في تمكين رانيا الصرايرة خلال المؤتمر الصحفي إنّ اتفاقية العمل الدولية 190 وتوصيتها رقم 206 تُعتبر أساسًا مهمًا لتعديل التشريعات المحلية للحد من العنف والتحرش في عالم العمل، حيث إن العنف والتحرش يهدد الأمن والاستقرار الوظيفي للعاملات والعمال في سوق العمل، كذلك إنّ الاتفاقية تعد معاهدة دولية غير مسبوقة تمنح العمال الحق في الوقاية من االعنف والتحّرش بما في ذلك العنف والتحرش القائمان على النوع الاجتماعي.

وأشارت الصرايرة إلى أن قانوني العمل والعقوبات الأردنيين يجرّمان في بعض موادهما أشكال التحرش ويعاقبان عليها، إلا أنهما ما يزالان يخلوان من تعريفات واضحة وصريحة للعنف والتحرش في بيئة العمل وأشكالهما، والتصدي لهما، والعقوبات المفروضة على من يقدِم على هذه السلوكيات.

وبينت  أن الدستور الأردني لم يتطرق بأي شكل إلى مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل، مُشيرة إلى المادة السادسة منه التي تنص على”الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم فـي الحقوق والواجبات وإن اختلفوا فـي العرق أو اللغة أو الدين”، لم يتم تضمينها عدم التمييز حسب النوع الاجتماعي، وهو الأمر الذي له علاقة مباشرة بالعنف والتحرش الذي عادة ما يكون مبني على النوع الاجتماعي وتكون ضحيته غالبًا الإناث وذوي الإعاقة والأطفال العاملين.

 وجاء أن المادة 23 من الدستور التي تتحدث عن الحق في العمل لجميع المواطنين، قد تكون السند القانوني الأكثر أهمية التي من الممكن الاستناد إليها لتعديل التشريعات المحلية بحيث تناهض بشكل واضح العنف والتحرش في عالم العمل، حيث تنص الفقرة (د) على حماية حق العمل ضمن عدة مبادئ منها “تعيين الشروط الخاصة بعمل النساء والأحداث” ما يعني أن الدستور يحث على وضع سياسات وقوانين لحماية المرأة والأحداث في سوق العمل ومن ضمنها الحماية من العنف والتحرش.

إلى جانب ذلك  العنف والتحرش في عالم العمل لم تعالجه التشريعات الأردنية بصورة صريحة، فبالنسبة لقانون العقوبات، لم يرد فيه تعريف للتحرش، كما لا يوجد أي ذكر أصلًا لمفردة التحرش أو التحرش الجنسي ما يعني أنه لا يعاقب عليه، مع الإشارة إلى أنّ قانون العقوبات جرّم الأفعال التي من شأنها أن تشكل فعل التحرش الجنسي تحت مسميات مختلفة، فجاء في المادة (305) منه عن المداعبة المنافية للحياء، وفي المواد (296) و (297) و(298) و (300) عن هتك العرض، وفي المادة (306) عن العمل المنافي للحياء، وفي المادة (320) عن الفعل المنافي للحياء في مكان عام، وفي المادة (420) عن الابتزاز، وفي المادة (190) و (360) عن التحقير، فمثلًا عاقب قانون العقوبات على أفعال التحرش الجنسي تحت باب الفعل المنافي للحياء، وجاء في المادة (306) منه : 

يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل من عرض فعلًا منافيًا للحياء أو وجه أي عبارات أو قام بحركات غير أخلاقية على وجه مناف للحياء بالقول، أو الفعل، أو الحركة، أو الإشارة تصريحًا، أو تلميحًا بأي وسيلة كانت متى وقع الاعتداء على: 

1- شخص لم يكمل الثامنة عشرة من عمره.

2- شخص ذكر كان أو أنثى أكمل الثامنة عشرة من عمره دون رضا.

ووفقا لنتائج البرنامج من المهم الإشارة إلى أن عملية إثبات التحرش مسألة صعبة، فالمتحرش غالبًا يكون قد اتخذ كافة التدبيرات والتجهيزات التي تلزم، حيث إن التحرش يحدث بسرعة دون وجود سابق إنذار إذ يكون الشخص الذي تعرض للتحرش غير مدرك لما حدث نتيجة الصدمة التي يعيشها وهي تعرضه للتحرش أيًا كان شكله، فلإثبات وقوع جريمة التحرش يشترط توفر شاهدة /شاهد رأى الواقعة بنفسه، ويجب أن يتصف بالاستقامة وقول الحق، وتوفر أدلة معينة تثبت حدوث التحرش، صور مقاطع فيديو، تسجيلات.

فيما يتعلق بقانون العمل قالت الصرايرة إنه جرت عليه الكثير من التعديلات فيما يخص العنف والتحرش في عالم العمل، كان آخرها التي تم اقرارها في السادس من آذار من عام 2023 التي وضعت، للمرة الأولى في تاريخ قانون العمل الأردني تعريفًا للتحرش الجنسي في الفقرة (ج) من المادة رقم 29 حيث تضم هذه المادة الحالات التي يجوز فيها للعامل ترك العمل دون اشعار مع احتفاظه بحقوقه القانونية ومن ضمن الحالات (إذا اعتدى صاحب العمل أو من يمثّله عليه في أثناء العمل أو بسببه وذلك بالضرب أو التحقير أو بأي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي أو التحرش الجنسي المعاقب عليه بموجب أحكام التشريعات النافذة المفعول)، المادة ذاتها تم تعديل الفقرة (ب) منها بوضع عقوبة على المعتدي، حيث أصبح النص :”إذا تبين للوزير وقوع اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله بالضرب أو بممارسة أي شكل من أشكال الاعتداء الجنسي أو التحرش الجنسي على العاملين المستخدمين لديه يعاقب صاحب العمل أو مدير المؤسسة أو من يمثله بغرامه لا تقل عن ألفي دينار ولا تزيد على خمسة آلاف دينار وتضاعف الغرامة في حال التكرار وذلك مع مراعاة أحكام أي تشريعات أخرى نافذة المفعول”، موضحة أن هذه الفقرة بشكلها السابق لم تكن تشمل التحرش الجنسي، كذلك كانت العقوبة الوحيدة فيها إغلاق المؤسسة للمدة التي يراها وزير العمل مناسبة. بحال تبين له وقوع اعتداء من صاحب العمل أو من يمثله على موظف.

وقالت الصرايرة انه فيما يعتبر هذا التعديل تقدمًا من ناحية إضافة التحرش الجنسي كذلك وضع تعريف له، إلا أنّ تعريف التحرش قاصر وفضفاض ولا يتماشى مع الاتفاقية رقم (190) والمعايير المشار إليها فيها، كذلك بقيت مسألة اقتصار العقوبة الواردة في القانون على صاحب العمل أو من يمثله، ولم تشمل التحرش الذي قد يقع من زميل، أي أن هذه الامر لم يعالجه القانون، أمّا النقطة الجوهرية التي لم يعالجها القانون تمثلت بإعطائه حلا واحد لضحية التحرش وهو ترك العمل دون اشعار مع احتفاظه بحقوقه، ما يعني عقوبة أخرى تتعرض لها الضحية وليس انصافًا لها، من جهة أخرى لم يضع القانون أي مواد تتعلق بتوفير الحماية داخل بيئات العمل ولم يرد أي نص عن أي تعويض قد يحصل عليه ضحية العنف، مع التأكيد هنا أنّ الغرامة المالية المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة 29 تذهب لخزينة الدولة وليس للضحية، كذلك بدا غريبًا أن يتم وضع سلطة تقدير وقوع الاعتداء بأي شكل من أشكاله لشخص وزير العمل بصفته الوظيفية، وليس للقضاء”.

 تمكين تلقت من العام 2021 حتى 31 تشرين الأول من العام 2023، التي تتعلق بالعنف والتحرش في عالم العمل، وبلغ عددها (248) شكوى، منها (216) شكوى مُقدمة من قبل إناث و (32) شكوى مقدمة من ذكور، ويعتبر العدد قليل لكن لا يعني ذلك أنّ العمال والعاملات لا يتعرضون للتحرش لكن يبقى الموضوع دون التقدم بشكوى نتيجة عوامل كثيرة؛ أهمها الثقافة المجتمعية التي تُحمّل السيدات مسؤولية التحرش بهن، كما أن هناك قصور بالوعي بالإجراءات التي يجب اتخاذها حال التعرض للعنف والتحرش في مكان العمل، عدا عن الخوف من فقدان الوظيفة، إلى جانب صعوبة اثبات وقوع العنف أو التحرش في مكان العمل.