الصفدي.. المواجهة حتمية تاريخية
النائب د. فايز بصبوص
عندما تطرقت بكل تفصيل عن مرحلة الانبعاث الاستثنائية للدبلوماسية الأردنية تجاه ما يحصل في قطاع غزة، لم أقصد لا من قريب ولا من بعيد، أن الانبعاث يوحي بعدم التفاعل أو الاشتباك، ولكنني أقصد أن تلك الحيوية والدينامية التي اتسمت بها الدبلوماسية الأردنية قد رسخت في مفهوم العلاقات الدولية قفزة نوعية، انبثقت من الرؤية الاستشرافية وحكمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الارتكاز على المعالجات الفورية والمباشرة لكل مستجد سياسي مهما كانت آثاره وانعكاساته، وهذا ما ترجمه وزير الخارجية أيمن الصفدي خلال لقاء عقد في?المنامة أخيراً، معتبراً أن زوال الاحتلال حتمية تاريخية لا مفر منها، وهو ما يشكل معضلة حقيقة للسياسات الخارجية للدول، والتي لا ترتكز أساساً على البعد القيمي لثوابت الموقف من ذلك الحدث أو تلك المستجدات.
من هنا كانت مقالتي السابقة، والتي نشرت في جريدة الراي الغراء، حول نسف قواعد الصندوق التقليدي في المعالجات الدبلوماسية من قبل وزير الخارجية أيمن الصقدي مرتكزاً حقيقاً لما هو آت.
إن الأردن لا يمكنه تحت أي ظرف، وتحت أي ضغط، أن يستكين لمعالجات دولية غير عادلة لجوهر الصراع الفلسطيني، أو بشكل أدق العربي الصهيوني إلا من خلال ثوابت التحركات المستجدة بالزمان والمكان.
لقد أوضحت ثوابت الدبلوماسية الأردنية بما يخص المجازر الممنهجة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ثوابت للمجتمع الدولي، ومرتكزاً حقيقياً في التأثير على توجهات الرأي العام الغربي في إطاره المدني والأهلي، وجزء لا يتجزأ من قاعدته الرسمية، والتي وصلت بشكل متأخر إلى نتيجة مفادها أن الضبابية والتضليل لا يمكنها الاستمرار طويلاً في التأثير على البنية الخلقية والأخلاقية والإنسانية، ذات الطابع والأبعاد المحفورة في تراكم الكم المعرفي حول أهمية أنسنة السلوك السياسي، الذي انبثق تاريخياً في أبعاد المعالجات الملكية في كل زما? ومكان للمعضلات السياسية التي أنتجتها وستنتجها صراعات «الأنا» التصفوية القائمة على الشوفينية والنازية والتصفية العرقية للآخر.
انطلاقاً من كل ذلك، فقد أعلنت الدبلوماسية الأردنية أنها لن تأخذ بعين الاعتبار أي تنازل أو تماه في إطار الدبلوماسية الإنسانية، فيما يخص قطاع غزة، وما ترتكبه تلك القوة المتغولة والتي تستهدف حجم مقايس إنجازها.
انطلاقا من عدد القتلى الفلسطينيين كما أشارت بكل وضوح جلالة الملكة رانيا العبدالله بان إحصاء العدد للشهداء من الأطفال والنساء والابرياء وتراكمه لا يمكن ان يحدد معيارا للنصر فاننا سنلتقي عاجلا ام اجلا امام استحقاق حقيقي هو انبهار العالم بان اللحاق والاسناد والتبعية والاحتواء لرؤية حكيم الشرق الأوسط جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين هو المخرج والمنفذ من ذلك التراكم اللاأخلاقي الذي يحدد وحدد أيضا مباعث الصهيونية الشوفينية البغيضة للكيان الصهيوني واردافه ومسانديه.
والذي أيضا ارتكز على ان المقاومة الفلسطينية الباسلة والصبر واحتواء كل تلك الدماء والعجز الكامل عن إيصال الكيفية التي تنطلق منها مبادئ الصهيونية الدولية للعالم قد رسخها بكل وضوح هذا المجد المقاوم للشعب الفلسطيني في كل تفاصيله.
لأنه يحمل في طياته بعدا لاهوتيا انهم كانوا وما زالوا وسيبقون مرابطين الى يوم القيامة وهو تعبير لا تحتويه أي مستجدات او اراء في اطار الدبلوماسية العالمية.
فوزير خارجيتنا على سبيل المثال ومن خلال مواقفه المستمدة من الاستراتيجية الملكية لمقاومة مشروع التهجير القسري قد جعلت الترند الدولي يعتبره محددا حقيقيا بأفق المعركة العسكرية.
لذلك نحن على أبواب تحول كارثي للاحتلال الصهيوني اذا ما أعطيت الإشارة للذهاب ابعد من النقد الموضوعي الى تحفيز وتعبئة الجبهة الداخلية من خلال حصانتها حصانة الجبهة الداخلية والتصاقها التصاقا كليا بنظامنا الهاشمي كما وكانت وستبقى على مدار التاريخ.
لن نقبل التهجير القسري الناعم في الضفة، ونعني بالناعم مقارنة بالأدوات التي تتخذ في قطاع غزة هاشم، غزة القتال اليومي والصراع الابدي القائم على تجسيد الهوية الفلسطينية المستقلة، بغض النظر عن مستوى التضحيات والألم الذي يعتصر قلوب كل مؤمن ومسلم وعروبي وفلسطيني دون حدود المنطق التاريخي للوجود