صفقة القرن إذ يأتيها الطوفان
كتب محمود أبو هلال
هدفان هدّامان كانا لتحالف اليمين المتطرف الذي شكله ناتنياهو: أولهما إضعاف النظام القضائي وقدرته على مراقبة الحكومة، وثانيهما تفكيك مشروع أوسلو والتمهيد لضمّ "إسرائيل" المباشر للضفة الغربية كامتداد لصفقة القرن التي لم تسقط على الأقل من حسابات دولة الاحتلال.
في سياق حديث توامس فريدمان قبل أيام عن معارضة الرئيس جو بايدن لتوجه ناتنياهو وهدفيه المعلنين أشار إلى أن أي رئيس أمريكي لا يمكنه أن يؤثر إلا بقدر محدود حين يتعلق الأمر بالتعامل مع وضع داخلي "إسرائيلي" من خلال القضائي والتنفيذي، وفي المستوى الاستراتيجي وتحديدا ما يتعلق بالقيم المشتركة، فعل بايدن كل ما يستطيع.
ويرى فريدمان أن "حل الدولتين في الإنعاش والعناية المركزة. وحكومة نتنياهو لا يمكن أن تكون شريكا في حل الدولتين. مما دفع بالإدارة الأمريكية باتجاه التطبيع مع السعودية عسى أن تتوفر شروط أفضل لتفعيل حلّ الدولتين".
بايدن والإدارة الأمريكية ليسا مع ناتنياهوا في أهدافه قبل الطوفان، وأما عن الدعم الكبير الذي تقدمه، فذاك لأنها غير مستعدة استراتيجيا لرؤية المنطقة دون الكيان، فتورطت مع ناتنياهو بتبنيها كل الجرائم التي يرتكب في غزة والضفة والقدس حين رأت في طوفان الأق صى كل عوامل انهيار الكيان. وهذا هو جوهر السياسة الأمريكية في "الشرق الأوسط" فكل ثوابتها متغيرات إلا الكيان ومستقبله.
كان تقدير المقاومة لاتجاهات سياسات الاحتلال دقيقا نحو ضم الضفة وشطب غزة. وعلى أساسه كان طوفان الأقصى ضربة استباقية واستراتيجية في الآن نفسه. ولا يمكن أن تقرأ إلا على أنها عامل تفعيل خطير لتطور الانقسام العميق داخل الكيان إلى مسار تفكك فعلي. وهذا ما تشهد عليه عملية 7 أكتوبر.
الطوفان ومع موجته الأولى يوم 7 اكتوبر أعاد فلسطين إلى الحد بحيث تشاهد من كل العالم بعدما أزال أتربة كانت تعمل حكومة الاحتلال تحتها.
من يعتقد أن صفقة القرن كانت قد تلاشت أو أن أحلام اليمين المتطرف في ضم الضفة وتهجير أهلها لم تكن على طاولة حكومة الاحتلال فليعد قراءته للمشهد مرة أخرى.
ومن كان يعارض صفقة القرن فعليا عليه أن يقف خلف المقاومة وأن لا يوجه لها حتى لوما، أثر عملية الطوفان وما بعدها.