وائل الدحدوح.. "معلش" يا جبل الحق والحقيقة.. يا وجهنا وصوتنا وألمنا
لم يكن وجه وائل الدحدوح بأي حاجة ليزداد شحوبا ووجعا وهو الذي ظل منذ بدء الحرب الأخيرة على غزة، يلاحق الأحداث لحظة بلحظة على أمل أن يهز ما ينقله شيئا ما في ضمير العالم، فيما تحكي ملامح وجهه ما لا يحكيه لسانه عن تعبه وسهره وهول الموت ورائحته في كل مكان، وخوفه على عائلته وأبنائه.
الأبعد من ذلك في وجه الدحدوح الجميل، ما كتبته الصحفي والروائي نادر رنتيسي، قبل أيام في سياق تفاعله مع الأحداث غزة "لو أن الغرب يشاهد وجه وائل الدحدوح فقط، لأدرك أن الحق لنا".
فقدان الدحدوح للعديد من أفراد عائلته بينهم زوجته وابنه وابنته وحفيده الرضيع، يعد مشهدا بين مشاهد ألم ووجع وصدمة لا تُحصى ولا تعد في القطاع، لكن الأمر هنا يمتد ليعيد إلى الواجهة من جديد، سياسة إسرائيلية بائسة تحاول عبثا إرهاب أصوات الحق والحقيقة في الأراضي الفلسطينية، والحديث في المقام يستحضر من تلقاء نفسه حادثة اغتيال شيرين أبو عاقلة، التي لا يمكن اغتيال رسالتها وبقيت "التغطية مستمرة" كما قالت شيرين وأرادت.
يدرك الاحتلال أن سياسته تلك تعد عبثا لكنه يحاول، وفي ثنايا المحاولة ثمة انتقام ووحشية يفاقمها عجزه، لذلك كان ويكون القتل بالنسبة سبيلا وغاية، فاختار قتل شيرين جسدا، وقتل الدحدوح روحا باستهداف فلذات كبده، لكن هذا القتل في القاموس الفلسطيني غير مفضٍ إلى الموت، فهم أصحاب رسالة وحق، والحق لا يموت لو مات كل شيء.
قال الدحدوح إن "هذا قدرنا"، وعندما أضاف "وليخسأ الاحتلال"، كان يدرك جيدا أن الوجع والألم والحسرة التي سيعيشها لفقدان أحبته، ثمة ما هو راسخ بداخله من إيمان وصبر وإرادة وعزيمة على الجهة المقابلة، وعلى الجهة المقابلة أيضا ثمة قضية ووطن فيه ولأجله ما يستحق الحياة حتى التقرير الميداني الأخير والنفس الأخير بالضرورة.
نخجل أن نقول "معلش" كما قلت أنت بعزة وكبرياء وعقيدة وصمود، هذه مفاهيم نستحي أن ندعي امتلاكها أمامكم، لكننا سنبقى متمسكين بالأمل الذي لا ولن يغيب عن وجهك وصوتك المُنهكين، الأمل في أن يُحدث الله بعد ذلك أمرا يُفرح فيه عباده الصابرين كما لم يفرحوا من قبل ولن يفرحوا من بعد.