على هامش الحدث

يعقوب ناصر الدين

لا نريد للتصرفات المشينة التي حاولت تشويه صورة المشهد العظيم للشعب الأردني وهو يتضامن مع شقيقه الشعب الفلسطيني، ويتفاعل مع محنة غزة هاشم أن تأخذ أكبر من حجمها فهي على هامش الحدث أدنى وأضعف من أن تنال من الموقف الأردني القوي والصارم تجاه القضية الفلسطينية، وفي مواجهة الكيان الإسرائيلي وجرائمه، ومخططاته ومشاريعه المكشوفة في فلسطين، وفي منطقة الشرق الأوسط.

 

لكن من الضروري أن يفهم هؤلاء بأنهم سيحاسبون على أفعالهم، ومن الضروري كذلك أن يتذكر الجميع وخاصة منظمي التظاهرات الشعبية أن لدينا من الخبرة الطويلة ما يكفي لكي نميز بين (المندسين) وهم في العادة يعملون لصالح طرف خارجي، وبين (الغوغاء) الذين يستغلون فرصة التظاهر من أجل قضية كبيرة لكي يعبروا عن نوازعهم الصغيرة، غير معنيين بالقضية ولا بالمعاني النبيلة التي خرجت الأغلبية للتعبير عنها! 

 

حق التظاهر حق يكفله الدستور، وتنظمه القوانين والأنظمة والتعليمات، لكي يوصل المتظاهرون صوتهم من ناحية، ويضمن سلامتهم وسلامة الممتلكات العامة والخاصة، وأمن واستقرار البلاد من ناحية أخرى، ومن واجب الأجهزة الأمنية أن تتخذ من الإجراءات ما يسمح بتحقيق تلك الغاية بأبعادها المشروعة وأهدافها الواضحة والمحددة.

لقد خرج الأردنيون بمظاهرات عارمة في عمان وبقية محافظات ومدن وبوادي ومخيمات المملكة لكي يعبروا عن تضامنهم القوي مع الشعب الفلسطيني، وعن غضبهم وإدانتهم الصارخة للجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية، ولكي يقولوا للمحتل الإسرائيلي نحن وهذا الشعب من أمة واحدة، وأن العدوان عليه هو عدوان علينا، فما يجمع بيننا من وحدة الهدف والمصير سيظل حقيقة ثابتة في كل الظروف والأحوال.

 

منذ سنوات طويلة ونحن نعرف أن إسرائيل تعمد دائما في مثل هذه الأوضاع إلى الدفع في اتجاه تشتيت ردود الأفعال وخاصة على الساحة العربية لتظهر على أنها موجهة ضد حكوماتها كدافع رئيسي، وتخلق بالتوازي انطباعات بوجود فوارق أو حواجز كبيرة بين الموقف الرسمي والموقف الشعبي، وهي في جميع الأحوال تدعي أنها ليست مهتمة بتلك المظاهرات والاحتجاجات، وتنظر إليها على أنها آنية، تفقد زخمها مع الوقت وتذهب إلى النسيان!

  لا أبالغ إذا قلت إن إسرائيل تنظر إلى مجمل الموقف الرسمي والشعبي الأردني بطريقة مختلفة، فهي أدرى من غيرها بطبيعة العلاقة القائمة على الولاء المتبادل بين القيادة والشعب وعندما يتعلق الأمر بتطورات كتلك التي نعيشها اليوم فإن قادتها مصدمون الآن وهم يسمعون قادة العالم بما فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن وهم يرددون ما كان جلالة الملك عبدالله الثاني يدعو إليه لاعتماد حل الدولتين كمنطلق وهدف يتوجب على الشرعية الدولية، والدول الكبرى والمؤثرة فرضه إذا كان الهدف الأبعد هو تحقيق الأمن والتعاون والسلام الإقليمي والدولي.

 

إنهم يرقبون بانزعاج شديد الدور الذي يقوم به جلالة الملك لوقف عدوانهم الموصوف بجريمة حرب، وإجبارهم على إدخال المساعدات الإنسانية لمنكوبي وضحايا الإبادة الجماعية في غزة، وهم يدركون أن تلك الحيوية في أعلى مراتب التحرك السياسي ليست في صالحهم الآن ولا في القريب العاجل!

موقفنا يقلقهم كثيرا، ومن هذه الزاوية يجب أن نضع حسن النوايا على جنب عندما يتعمد بعض الأشخاص إحداث خلل ما أثناء التظاهر السلمي المشروع للشعب الأردني، وقد أصبح ضروريا أن يحمي المتظاهرون أهدافهم، فينتبهوا إلى هؤلاء ليبطلوا مهمتهم، وليعيدوا كذلك بعض الجاهلين أو الضالين إلى جادة الطريق.