تقرير: الكابوس المصري ورسالة السيسي: على سكان غزة ألا يغادروا ويهربوا
يحيى مطالقة
أوضح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقاء غير عادي مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مؤخرا في القاهرة، أنه إذا تم تهجير سكان غزة، فسوف تمحى القضية الفلسطينية. بمعنى آخر، شدد على أنه حتى لو كان وضعهم صعبا، يجب على الفلسطينيين ألا يغادروا ويهربوا. وفي الوقت نفسه، وكما لو كان الأمر بالتنسيق، تلقى عناصر حماس أمراً من قيادة الحركة بإحباط هروب سكان قطاع غزة إلى ما وراء السياج الحدودي.
وتشعر القيادة العليا في مصر بالقلق من احتمال أن تحاول، حتى لو بدت فرصها ضئيلة الآن، إفراغ القطاع من نصف سكانه (ما يزيد قليلاً عن مليون شخص) وإعادة توطينهم في سيناء. وهذا هو الكابوس المصري. شلل كامل لحركة السياحة التي تجلب المال، وأيضا مخاطر فورية على أمن مصر الكبرى، وليس فقط في سيناء، بحسب تقرير نشرته صحيفة "يديعوت احرونوت" العبرية.
ووفق التقرير، حتى الـ 600 من حاملي جوازات السفر الأمريكية في غزة، وبعضهم من عمال الإغاثة ومعظمهم من الفلسطينيين الذين يحملون جنسية مزدوجة، تلقوا إشعارًا في نهاية هذا الأسبوع الماضي، بالذهاب إلى المعبر الحدودي في رفح. وصورة الشابة الأمريكية الفلسطينية التي جاءت خصيصاً من كاليفورنيا لتلد طفلها في حضن العائلة، ومنعت من العودة، تفطر القلب. كذلك العشرات، وربما المئات من الطلاب الذين جاءوا لقضاء إجازة عائلية في غزة، وعلقوا. وكانت النية نقلهم بتنسيق إسرائيلي أمريكي إلى المطار الدولي ووضعهم على متن طائرات متجهة إلى الولايات المتحدة. ولم يتمكن سوى عدد قليل، بل عشرات على الأكثر، من الوصول إلى معبر رفح. وخلال لحظات الانتظار، قصفت طائرات سلاح الجو قربه. وهذه رسالة لا لبس فيها. لا يوجد خروج ولا حضور. ثم جاءت الرسالة من القاهرة، مفادها أنه طالما لم يتم نقل شاحنات المساعدات إلى غزة بسبب الهجوم الإسرائيلي، فلن يمر أحد.
ووفقا لمحللة الشؤون العربية في "يديعوت أحرونوت"، سيمدار بيري، تتدفق صور ما يقرب من مليون من سكان قطاع غزة، أي ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وهم يحملون حقائب ثقيلة وبطانيات ملفوفة حول الأدوات المنزلية، من شمال قطاع غزة إلى جنوبه. البعض بالسيارة، والبعض الآخر سيرًا على الأقدام، وقد نزحت عائلات بأكملها بسبب رعب القصف الجوي والتفجيرات. وفي المحادثات مع سكان قطاع غزة، أوضحوا أنه لا أحد يعرف ما إذا كانت ستكون هناك عملية برية للجيش الإسرائيلي، لكن الدمار والخوف من قصف طائرات سلاح الجو نجح في تحريكهم.
وقالت بيري، إنه بحسب تقرير غير مؤكد ولكنه يبدو معقولاً، توجه مسؤولون إسرائيليون كبار إلى القاهرة أمس للقاء نظرائهم في المخابرات المصرية. فهم يدركون المعضلة جيدًا، ويعرفون بالضبط ما يفكر فيه كبار الضباط في القاهرة ويعرفونه عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وأضافت أن مصر تطالب إسرائيل بالسماح بمرور المواد الغذائية والمشروبات والبطانيات والملابس ومخزون كبير من الأدوية. وتنتظر الإمدادات بالقرب من المعبر الحدودي المصري بعد أن أرسل الأردن طائرة تليها الإمارات ومنظمة الصحة العالمية. في الوقت الذي ترفض فيه مصر التسمية التي أطلقتها حماس على عمليتها "طوفان الأقصى" التي شنتها إسرائيل، وأطلقت عليها بالفعل اسم "النكبة الثانية"، الكارثة الرهيبة التي حلت بالشعب الفلسطيني دفعة واحدة.