اختصار زمن المعاناة وإيقاف نزيف الدم

أ. د. ريم مرايات

 

إن مجمل تصريحات الرئاسة الأمريكية في تأجيج الصراع وحشد القوات بعد(طوفان الأقصى) لا تصب في صالح الشعب الإسرائيلي ، إذ ما يخدم هذا الشعب الآن هو اختصار زمن المعاناة وإيقاف نزيف الدم ، والعودة السريعة إلى طاولة المفاوضات والسعي نحو الحل السياسي، والشروع في تبادل الأسرى ، وهذا حتماً ما ستسعى إليه جميع الأطراف في النهاية. بالإضافة إلى أهمية الاستفادة من الدرس الأخير في تفادي الممارسات التي استفزت المقاومة ودفعتها نحو الرد الصاعق على النحو الذي شاهده العالم .
 
وإن كان ثمة حجة لحجم صدمة الهجوم الذي قامت به حماس فقد ذاق الفلسطينيون الويلات كما حدث مع الإسرائيليين في هذه الحرب ، وفاقت خسائر الفلسطينيين خسائر اليهود ، وقدموا تضحيات باهظة الثمن ، نتيجة القصف الإسرائيلي العشوائي المتواصل الذي أفنى عائلات بأكملها في غزة ، وضاعف معاناة النساء والأطفال واليافعين ، وحتى المنظمات الإنسانية العاملة هناك. وأظهر وجها شديد القبح لإسرائيل في منعها الناس من الحصول على حاجاتهم الإنسانية الأساسية من ماء وغذاء ووقود ودواء وكهرباء مع تدمير البنى التحتية في المدينة المحاصرة منذ ما يقرب العقدين !
 
فكيف ترجو إسرائيل مستقبلاً آمناً لأبنائها ، ولا تمنح الفلسطينيين ذرة أمل في الحياة الحرة الكريمة ؟!! فهي تأسر وتقتل وتقهر وتعتدي على المقدسات ، وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها ، وتعاقب الأبرياء ، وتحول حياة الناس اليومية إلى جحيم !.
 
إن ممارسة التعالي والعنف والغطرسة وبناء نظام الأبارتهايد وحشد القوات الآن للدخول في معركة دامية لا تحمد عواقبها ، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخسائر والمعاناة ، ولن تقضي على المقاومة التي ستزداد يوماً بعد يوم بسبب ما خلفته هذه الحرب من خسائر في الأرواح ومن تأثير نفسي بالغ في نفوس المنكوبين لن ينتهي على المدى القريب ، ولم يعد لدى الناس ما يأسفون على خسارته أو يخشون على فقدانه .
 
إن مغادرة الحكومة الإسرائيلية مربع العناد والتعالي والكِبر ، وإعمال صوت الحكمة والعقل وطوي الجراح هو ما يمكن أن يحقق نتائج نافعة ومرضية على الأرض . وهو ما نأمل أن يحدث بديلاً للحرب وحقناً للدماء .