تقرير عبري: من سيحكم غزة؟.. جميع الخيارات سيئة
يحيى مطالقة
اعتبر تقرير عبري أن العبارة الأكثر تداولاً في الخطاب الإسرائيلي، منذ عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، هي القضاء على حماس. ويتطلب تحديد مثل هذا الهدف على افتراض أنه ممكن عسكرياً، تحليلاً استراتيجياً متعمقاً، ووضوحاً فيما يتعلق بالسيناريو الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه، وفوق كل شيء، نهجاً رزيناً، ربما لم يكن موجوداً قبل هجوم حماس الأخير.
وقال إن "حماس حكمت قطاع غزة بطريقة دكتاتورية منذ عام 2007، وهي في الواقع متجذرة بعمق في جميع مستويات المجتمع الغزاوي لأكثر من 70 عامًا، حتى عندما كانت تعمل في التشكيل المبكر لجماعة الإخوان المسلمين".
وأضاف التقرير الذي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الثلاثاء، أن الضربة القاتلة للحركة تعني تحييد جميع أطرها القيادية، والتصفية الواسعة النطاق لكبار مسؤوليها، والتدمير المادي لمؤسساتها، ولا سيما المدنية منها (الدعوة) التي تشكل وسيلة الاتصال مع الجمهور، وحرمان مصادرها الاقتصادية واعتقالات جماعية لعشرات الآلاف من نشطائها.
لكن في حالة تنظيم داعش الذي هزمه التحالف الدولي، فإن الحرب لن تكون قادرة على استئصال فكرة حماس المتجذرة بعمق في الوعي الجماعي الفلسطيني. والهدف الذي تسعى إسرائيل لتحقيقه يختلف عن "اجتثاث النازية" الذي مرت به ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وهو أشبه بعملية "اجتثاث البعث" التي حاول الأمريكيون غرسها في العراق بعد الإطاحة بنظام صدام حسين ولم يتم استقباله بالتعاطف أبدًا، بحسب التقرير.
بديلان سيئان
ووفقا لرئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل أبيب، والباحث الكبير في معهد السياسات والاستراتيجية في جامعة رايخمان، الدكتور ميخال ميليشتاين، فإنه إلى جانب خيبة الأمل من أن فكرة حماس لا يمكن استئصالها بسهولة وبسرعة، لا بد من الاعتراف بندرة البدائل وضعفها، وبعضها سيئ والبعض الآخر أسوأ. وسيستمر الجميع تقريبًا في تجسيد التحديات، حتى لو كان بعضها أقل من الحالي، إلا أنها ستصاحبها حالة من عدم اليقين العميق بشأن المستقبل.
وقال هناك بديلان سيئان للغاية يجب تجنبهما: الأول هو إعادة احتلال القطاع والحكم الإسرائيلي المطول عليه، وهو السيناريو الذي رفضه الرئيس الأمريكي جو بايدن علناً قبل بضعة أيام. وسيكلف ذلك ثمناً أمنياً واقتصادياً وسياسياً باهظاً من إسرائيل قد يغرقها في النموذج المحلي للعراق أو أفغانستان.
والبديل الثاني هو انهيار حكم حماس والخروج السريع من القطاع، بما يخلق فراغا ستستنزف فيه الفوضى والمنظمات المسلحة من كل أنحاء الشرق الأوسط والعالم، التي ستحاول تحويل غزة إلى ساحة صراع ضد إسرائيل.
بديلان آخران
ولفت ميخال ميليشتاين أن هناك بديلان آخران، إلا أن احتمالات تحقيقهما غير واضحة، وقد يكونان أقل سوءاً بعض الشيء من وجهة النظر الإسرائيلية. الأول هو محاولة استعادة سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع. وهذا يتطلب في المرحلة الأولى، تحرر الحكومة الإسرائيلية من الفكرة البعيدة المنال بأن السلطة الفلسطينية هي عدو أسوأ من حماس، وعلى أي حال، ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كانت السلطة الفلسطينية التي بالكاد تسيطر على الضفة الغربية، مهتمة بمثل هذه المهمة المعقدة. وحتى لو تم إنقاذ الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن من المهمة، فليس من الواضح إلى أي مدى سينجح فيها.
والبديل الثاني هو تشكيل نظام حكم سياسي بديل يعتمد على الأحزاب المحلية في قطاع غزة (رؤساء البلديات والعشائر والشخصيات العامة البارزة)، بمشاركة مسؤولي السلطة الفلسطينية ودعم خارجي واسع النطاق، خاصة من مصر. وفي هذه الحالة أيضاً، فهو هدف ليس من الواضح مدى معقوليته، بعد سنوات قامت فيها حماس بقمع أي قوة شعبية أو سياسية تهددها، ومن المرجح أنها ستستمر في محاولة إحباطها. وفي أي سيناريو، سيكون من الضروري إنشاء نظام تفتيش مخصص على طول الخط الحدودي بين مصر وغزة (محور صلاح الدين)، بما في ذلك معبر رفح، الذي يشكل شريان تهريب استراتيجي لحماس.
وختم ميخال ميليشتاين قائلا إن "الحديث يتطلب عن اليوم التالي لغزة، بما في ذلك الاستيطان والنظام الذي سيقام على حدود مصر-غزة، نقاشاً معمّقاً وخططاً منظمة حتى قبل المناورة البرية ومحاولة إسقاط نظام حماس.
وفقط في فترة زمنية أطول سيكون من الممكن الحديث عن تغيير عميق في قطاع غزة، يتمحور حول خيبة الأمل أو حتى الغضب الشعبي ضد فكرة حماس، والكارثة التي جلبتها على رؤوس سكان غزة، وهو صوت لم يُسمع على الإطلاق اليوم"، على حد زعمه.