محللون: حسابات معقدة للحرب البرية ضد حماس
يحيى مطالقة
قال محللون سياسون إسرائيليون إنه من المتوقع أن تستمر الحرب في غزة لعدة أسابيع وربما أشهر، بحسب محادثات أجريت مع قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي من المفترض أن تشارك في المرحلة البرية التالية من الحرب، ردا على عملية حركة حماس "طوفان الأقصى" التي شنتها ضد إسرائيل في السابع من تشرين الاول الجاري.
وأضافوا أنه حيث تم خلال عطلة نهاية الأسبوع، تسريع الاستعدادات للعملية البرية بشكل كبير، بالتوازي مع استمرار القصف الجوي لغزة، والذي يتم بعدوانية غير مسبوقة.
وأمر جيش الاحتلال الإسرائيلي السكان المدنيين في غزة بالتوجه جنوبا، ووفقا لتقديرات مختلفة حتى الآن، استجاب حوالي نصف مليون شخص للنداء.
وأوضح المحللون أن "إخلاء المدنيين من شأنه أن يسهل المناورة البرية، لأن الوحيدين الذين سيبقون على الأرض هم أعضاء حماس. ووفقا لنطاق حشد الاحتياطيات والاستعدادات الأولية، يبدو أن الجيش الإسرائيلي يخطط للعمل على الأرض دون قيود، بهدف إلحاق أضرار كبيرة بحماس. ومع ذلك، أعربت مصادر مختلفة عن قلقها من أن التأخير في إطلاق الحملة البرية يقلل من النافذة الزمنية التي تتمتع فيها إسرائيل بالشرعية الدولية للرد على مجزرة (طوفان الأقصى)، وقد رفض مسؤولون سياسيون وأمنيون كبار هذه التصريحات، قائلين إن إسرائيل تتمتع بحرية العمل الكاملة، وأن العملية المخطط لها لن تكون محدودة القوة أو الزمن".
وبينوا أنه "في الإحاطات التي عقدت للقادة العسكرين والقوات، كان هناك حديث عن حملة طويلة بشكل خاص. وفي المرحلة الحالية، أصبح الاقتصاد بأكمله مأسوراً بهذا المجهود الحربي، بسبب حالة التأهب القصوى في الشمال والخوف من حرب متعددة الجبهات. وقدرت بعض المصادر أنه في حال هدأت التوترات في الشمال، فقد يعود الاقتصاد تدريجياً إلى النشاط الجزئي، لكن من غير المتوقع أن يحدث ذلك في الأيام المقبلة".
أهداف المعركة البرية
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي يؤاف ليمور في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، فإنه رغم أن المعركة البرية تبدو قريبة، إلا أن أهدافها لم تتضح بعد للرأي العام الإسرائيلي والدولي.
وقال "كانت تصريحات النخبة السياسية شاملة إلى حد كبير، وتحدثت بشكل أساسي بشعارات لا يمكن تحويلها إلى خطة عمل. ويحتاج الجيش الإسرائيلي إلى هدف استراتيجي واضح لنشاطه، حتى يتمكن من تحقيقه بنجاح. وقسم من الأهداف واضحة، وعلى سبيل المثال، الفصل بين القطاعات، ومنع التدهور في الشمال والضفة الغربية وبين عرب 48، وتجنب أكبر قدر ممكن من الإضرار بالأشخاص غير المتورطين في غزة، والحفاظ على الشرعية الدولية للعملية، لكن الهدف الرئيسي ما زال مبهما: فهل تنوي إسرائيل احتلال القطاع بأكمله وتطهيره من وجود الذراع العسكرية لحماس؟ أم أنها تنوي الاكتفاء بالضرر الجزئي الذي سيلحق بحماس والأضرار الجسيمة التي ستلحق بالقطاع؟".
وبين يؤاف ليمور أنه "من المشكوك فيه أن تكون أهداف العملية تشمل إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين والجثث المحتجزة في غزة. فقد ثبت في الماضي أن هذا هدف غير واقعي، وهو في كل الأحوال ينطوي بشكل مباشر على حجم الضرر الذي لحق بحماس".
ولفت أن "الاستعدادات للمعركة في غزة تجري في نفس الوقت الذي تصل فيه التوترات إلى ذروتها في الشمال. حيث يحاول حزب الله التحرش بإسرائيل كل يوم بطرق مختلفة، ومؤخرا حاول إطلاق صواريخ مضادة للدبابات وقذائف هاون على جبل الشيخ، كما أطلق طائرات صغيرة، ولكن في هذه المرحلة يتم منعه من التصعيد. ويبدو أن الحزب يريد المساهمة بجهوده. ومن المرجح أن التهديدات الصريحة من واشنطن ردعت الحزب، الذي سيواجه معضلة متزايدة مع تعمق الحرب في غزة، وتزايد الصراع وعدد القتلى الفلسطينيين".
التحديات على الساحة الدولية والداخلية
ووفقا لـ يؤاف ليمور، فإنه بالتوازي مع المجهود الحربي في الجنوب، وجهود الاستعداد والردع في الشمال، فإن إسرائيل مطالبة ببذل مجهودين إضافيين. الأول هو دبلوماسي سياسي للسماح باستمرار الدعم للحرب. حيث يدعم زعماء العالم الغربي إسرائيل علناً، ومعهم جميع وسائل الإعلام تقريباً، لكن الرأي العام أكثر تقلباً وقد يؤثر على القيادات. ومع تعمق الحرب وبالتأكيد إذا توسعت أيضًا إلى الشمال، فإنها ستؤثر أيضًا على الأسواق العالمية، بل وربما تتدهور إلى مشاركة قوية، على خلفية الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل، والدعم الروسي المقابل لحماس وربما وكذلك لحزب الله.
أما الجهد الثاني، فهو الوعي التفسيري. ولا بد من تنفيذ الجزء الرئيسي منها في العالم، وهو يعتمد إلى حد كبير على حسن النية لدى عدد من الأطراف الخاصة والتجارية التي انضمت إلى هذه المسألة. فالحكومة الإسرائيلية تتعثر وتجد صعوبة في التعامل مع التحدي الهائل، ومن المشكوك فيه أن تتحسن في استمرار القتال بحيث يقع العبء الرئيسي في هذا المجال على عاتق الجيش الإسرائيلي أيضا. وحتى على الجانب الإسرائيلي، حيث يتعين على إسرائيل أن تتصرف بسهولة أكبر على خلفية الدعم الكامل من الجمهور الإسرائيلي للحرب، فإن الحكومة تترك فراغاً مكانها. والحقيقة أن النخبة السياسية لم تظهر بعد أمام الجمهور للرد على الأسئلة الصعبة والأسوأ من ذلك، ولم تجد الوقت بعد للحديث مع أهالي المختطفين، وهي مزعجة للغاية، ولا بد من التذكير بأنها تتحمل بالإضافة إلى إدارتها للحرب الحالية، مسؤولية الفشل الذريع.
من جهته، قال المحلل العسكري رون بن يشاي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إن الحرب البرية الإسرائيلية ضد حركة حماس في قطاع غزة بدأت تقترب، حيث يواصل الجيش الإسرائيلي الاستعدادات لهجوم إسرائيلي كبير، ويعمل بالتعاون مع "الشاباك" من خلال عدة قنوات، بما في ذلك الغارات الجوية المتزايدة بشكل كبير في غزة، بحيث يمكن تنفيذ الدخول البري بسرعة ودون دفع ثمن باهظ من الخسائر في صفوف المدنيين.
وأضاف أن "الغارات الجوية تهدف إلى تعطيل أنظمة الدفاع والقيادة والسيطرة التابعة لحماس، ومساعدة الجهود الاستخباراتية ومواصلة تحصيل الثمن بشكل منهجي من أعضاء حماس، وخاصة من قادتها، مقابل الفظائع التي ارتكبوها في المجتمعات المحيطة بغزة. وفي الوقت نفسه، يعمل الجيش الإسرائيلي في الساحة المعرفية لتزويده بـ نافذة شرعية واسعة قدر الإمكان لتنفيذ هجوم فعّال في غزة. وتهدف هذه النافذة إلى إعطاء الجيش الوقت والموافقة على استخدام أساليب ووسائل القتال عندما يدخل القطاع، وهي تتضاءل أكثر فأكثر مع وصول صور المدنيين في غزة الذين يعانون من هجمات الطيران إلى الغرب. إن مطالبة سكان شمال قطاع غزة بالإخلاء عبر الممرات الإنسانية إلى الجنوب هي الوسيلة الأساسية للإثبات للرأي العام العالمي وإدارة بايدن أن إسرائيل تتصرف في إطار قوانين الحرب الدولية".
وأشار إلى أن حماس رفعت من سرعتها وتحاول إدخال مقاتليها في قطاع غزة إلى تشكيلات دفاعية خططت لها وتسيطر عليهم. ويحاول المستوى السياسي لحماس في لبنان وتركيا وقطر توسيع القتال إلى ساحات أخرى من أجل تخفيف الضغط على القطاع وتقسيم الجهد العسكري الإسرائيلي. فهو يحاول إقناع حزب الله، والفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في لبنان، والفلسطينيين في الضفة الغربية، وعناصر أخرى تعمل لصالح إيران، على سبيل المثال الميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، بالانضمام إلى القتال".