أيام عصيبة توجب التكاتف
د. محمد المومني
أيام عصيبة قاسية قادمة على منطقتنا وغزة. سنرى على مدى أسابيع، وربما أشهر، حربا سيروح ضحيتها أبرياء ونساء وأطفال، وسيفيض علينا سيل من مقاطع الفيديو والأحداث التي ستتقطع لها القلوب.
إنها الحرب التي يهدد نتنياهو لن تبقي أو تذر، ويقول كلاما خطيرا، إنها ستغير خريطة الشرق الأوسط دون أن يوضح مآلات ذلك. نتنياهو شكل حكومة موسعة لأنه يريد تحييد أي تأثيرات سياسية على ما سيحدث، وقد نجح جزئيا بذلك بعد موافقة غانتس ورفض لابيد الانضمام لحكومته.
الحرب مكلفة إنسانيا وماديا وسياسيا، ومن غير الواضح الى متى سيتحمل مشاهدها العالم، ومن المرجح أن تضمحل أصوات الدعم لها مع مرور الوقت.
من يتابع المشهد السياسي والإعلامي العالمي، يدرك حجم الثورة التي حدثت هناك. إسرائيل تحظى بدعم لا متناه من قبل عواصم العالم، وخزائن الدعم فتحت على مصراعيها. مؤثرون وساسة يتباكون على شاشات التلفاز، يرون ويدعمون إسرائيل في كل مساعيها القادمة.
الولايات المتحدة تقدم الدعم بأشكاله كافة، ودخلت حالة تنسيق يومية مع إسرائيل، وأعطت إسرائيل شتى أنواع السلاح. العالم يستحضر داعش والحرب على الإرهاب، يقارنها بما يجري، وفي دوائر أخرى استحضار للمحرقة وأن ما جرى غير مسبوق ليس فقط منذ حرب أكتوبر 1973 ولكن أيضا منذ المحرقة النازية في الحرب العالمية الثانية.
هذا يؤشر على الأجواء الدولية في فهم والتعامل مع ما يجري، وينذر بعنف وقتل وتدمير قادم. الرئيس بايدن طلب من نتنياهو أن تكون العمليات العسكرية ضمن مبادئ القانون الدولي للحروب تتجنب المدنيين العزل، وهذا فقط الحد الأقصى لما أتى إسرائيل من تحذيرات، وبغير ذلك فالدعم الدولي لا حدود له.
الدول العربية تتباين مواقفها، بين غير مكترث، لمدين لما يحدث، وما بينهما. وحده الأردن الذي قدم موقفا شجاعا متقدما منسجما مع مبادئه ومواقفه، وقد تم التعبير عن ذلك بخطاب العرش، الذي أعلنها مدوية، أن بوصلة الأردن فلسطين وقضيتها، وأن الحل لهذا النزاع الممتد وأعمال العنف يكمن في دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران، وبغير ذلك ستبقى وتمتد دوامة العنف.
هذا ما قاله ويقوله الأردن، وما أتى في خطاب جلالة الملك قبل أسبوعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأن يعيده الأردن الآن في خطاب العرش في ظل الأوضاع والأعصاب العالمية المشدودة، يدلل على شجاعة سياسية متناهية.
أيام عصيبة قادمة علينا، ومطلوب من الجميع الالتفاف حول العلم والدولة وملكها، نقف مع دولتنا ننصاع لمواقفها ندعم تحركاتها، وعلينا أن نقف صفا واحدا كشعب أردني خاض الصعاب وتغلب عليها، ومن الأهمية بمكان أن نعزز ونشد أزر وحدتنا الوطنية، وألا نسمح لأي جاهل أو مغرض أو مثير للفتنة أن ينال منها ولن ينالوا بحول الله، فالأردنيون، بمشاربهم كافة، متحدون نصرة لفلسطين، وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، وتحصيل حقوقه، واستعادة كرامته الوطنية، التي استباحتها حكومة يمين أمعنت بالاستفزاز والتهجم على المقدسات الإسلامية والمسيحية.