ماذا ستفعل إسرائيل في الأقصى؟

ماهر أبو طير

المشهد الذي نراه في فلسطين، مشهد غير مسبوق، واذا كانت اسرائيل قد تعرضت لإهانة غير مسبوقة منذ تأسيسها، الا انها ستحاول توظيف كل هذا المشهد لصالحها.

هذا سلوك اسرائيلي معتاد، وليس ادل على ذلك من استمطار الدعم الاميركي العسكري والمالي والسياسي، بما في ذلك وصول اسطول بحري اميركي الى البحر الابيض المتوسط، وتدفق شحنات الاسلحة والصواريخ، وقرب شواطئ فلسطين المحتلة، وصناعة صورة الضحية وتضخيمها امام الاعلام الغربي، واستعطاف الدعم الاوروبي، وغير ذلك من مستهدفات تسعى اسرائيل لتحقيقها، من خلال الازمة التي تمر بها، بما في ذلك تجريم انتقادها دوليا، وتكريس موقعها باعتبارها دولة تدافع عن نفسها.

 

قوة اسرائيل ليست مطلقة، مع المعرفة فهي دولة قوية، لكن الذي حدث يثبت ايضا انها هشة وضعيفة ولا تحتمل المباغتة، على مستوى مؤسساتها الامنية والعسكرية والسياسية، وهي بسبب هذه الصورة تضاعف الانتقام، لتثبت انها ليست كذلك، وهذا يفسر عدد الغارات، وصولا الى قصف مناطق في لبنان، بما يعد مؤشرا على نوايا اسرائيلية لجر لبنان وربما ايران الى حرب اقليمية، تتجنبها اسرائيل-حتى الان- بسبب كلفتها، لكنها قد تجد نفسها في الطريق اليها، في اي لحظة.

التوظيف الاخطر قد يرتبط بالمسجد الاقصى، اذ ان كل اقتحامات الاقصى وتدنيسه ومحاولات تقاسم الحرم القدسي، ومنع الصلاة فيه، ومخاطر هدم احد المسجدين، ادت في المحصلة الى المشهد الذي نراه، وهذه ليست اول مرة، فقد انفجرت الانتفاضة الثانية بسب دخول شارون للحرم القدسي، وتنزلت الصواريخ على اسرائيل من غزة عام 2021 نهايات رمضان، بسبب تصرفات اسرائيل في الحرم القدسي، بحق المسجد الاقصى.

 لكن اسرائيل وبرغم كل ما تذوقه هذه الايام، قد تسمح من باب تحقيق مستهدفات سرية للمشروع الاسرائيلي لمجموعات اسرائيلية متطرفة ومتشددة بالتسلل الى الحرم القدسي، ونسف المسجد الاقصى، وعنونة ذلك بالانتقام، وان رد فعلها تأسس على الرغبة بالانتقام من الفلسطينيين، بسبب ما قاموا به ضد الفلسطينيين، وبهذا تحقق اسرائيل هدفا اساسيا في مشروعها اي الخلاص من كل ملف المسجد الاقصى، ونسب هذه الفعلة الى جماعات يمينية، وتحميل المسؤولية الضمنية للفلسطينيين، وعدم تحمل اي مسؤولية سياسية او امنية امام دول العالم، باعتبار ان الامر جرى دون قرار رسمي.

هذا السيناريو الجنوني ليس سهلا، لان اسرائيل منذ ثلاثة ايام تدفع كلفة الاذى الذي تتنزل به على الاقصى طوال تاريخه، فما بالنا لو تعرض الاقصى الى خطر اكبر، بذريعة الانتقام الاسرائيلي من جانب جماعات يمينية، والمؤكد هنا ان مثل هذا السيناريو سيؤدي الى نتائج خطيرة جدا داخل فلسطين، وفي دول جوارها، وفي كل المنطقة العربية والاسلامية، لكن المقامرة الاسرائيلية كما نراها قد تصل الى كل الحدود المتوقعة وغير المتوقعة، بسبب حجم الاهانة غير المسبوقة التي تعرضت لها اسرائيل.

هذا لا يعني ابدا التخويف من نتائج قصف غزة لاسرائيل وكل العمليات التي رأيناها، لكننا نحذر من التوظيف الاسرائيلي الانتهازي للظرف القائم حاليا، لتنفيذ اجندات ثانية تتبناها اسرائيل، من خلال تجريع السم للفلسطينيين والعرب بشكل متدرج.

علينا ان نفتح أعيننا جيدا الى ما سيجري في القدس، والحرم القدسي، من تصرفات اسرائيلية خلال الفترة المقبلة، وخصوصا، في ساعات المساء، وبعد اغلاق الحرم.