تعديل لكسب الوقت
مع تزايد الأنباء عن تعديل وزاري مُرتقب، هو السابع على حكومة بشر الخصاونة، التي تشكلت أواخر العام 2020، أخشى أن يكون تعديلًا سمته الأساس هي كسب الوقت، أو تعديلًا ينطبق عليه فعل ذلك صاحب المركبة، التي تعطلت لسبب ما، وقام بإصلاحها على عجل، حتى يتمكن من إيصالها إلى "ورشة" الإصلاح فقط، أو حتى إلى وجهته التي يُريد.
وبذلك الفعل، لم يقم صاحب المركبة، بمعرفة الخلل الرئيس الذي أدى إلى تعطل مركبته، وإنما اكتفى فقط بجعلها تسير، غير آبه بما فيها من أضرار أخرى، أو قطع أساسية بحاجة إلى تغيير كامل. تمامًا كالمريض الذي يكتفي بأخذ مُسكنات من أجل تخفيف آلام الجُرح الذي يُعانيه، ولم يُعالج الجُرح نفسه، من خلال الذهاب إلى الطبيب المُختص.
إذا ما جرى التعديل الجديد، وهو حاصل لا محالة خلال الأيام المُقبلة، فإنه يُعد سابع تعديل يُجريه الخصاونة على حكومته في أقل من ثلاثة أعوام، ما يدل على وجود خلل واضح، في عملية اختيار الوزراء أو الفريق الحكومي، أو ينم عن عدم حسن اختيار، وإلا كيف يتم تفسير ذلك؟، خصوصًا أنه لا توجد نتائج إيجابية لهذه الحكومة يلمسها المواطن.
هُناك معلومات تُفيد بأن الرئيس الخصاونة، يُريد التأنّي في تعديله السابع، بُغية الخروج بفريق حكومي مُتجانس، يكون لديه خطط وأفكار يمُكن تطبيقها على أرض الواقع، تعود بالنفع على الوطن. لكن يبدو أن هذه الخطوة جاءت متأخرة جدًا، فالفريق الجديد لن يستطيع إحداث شيء يُذكر، فالوقت قصير جدًا، خاصة إذا ما علمنا بأن الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمّة الحالي، ستنتهي في شهر نيسان المُقبل، وبالتالي، وحسب الدستور، فإن الانتخابات النيابية ستجري في الشهر الثامن من العام الجديد.
أهم نقطة تم تداولها في الأيام الماضية، هي تلك المعلومات التي كشفت عن أن الرئيس الخصاونة، وخلال مشاوراته فوجئ بـ"اعتذارات" من شخصيات عن دخول الفريق الوزاري.. إن صحت هذه المعلومات، فإن ذلك يدل على وجود أمرين أساسيين، من الضرورة أن يتم الأخذ بهما والوقوف على أسبابهما بكل جدية وواقعية.
الأمر الأول، أن هُناك شخصيات عازفة عن الدخول إلى الحكومة، أي حكومة كانت، الأمر الذي يدل على أنهم أُناس يعرفون بواطن الأمور، وأن الأمور ليست سهلة كما يتم تصويرها، وأنه لا يمكن "الإصلاح" في ظل هكذا ظروف.
والأمر الثاني، هو اقتناع أولئك بأن هذه الحكومة، مع تعديلها الجديد، لا هدف لها سوى كسب الوقت، والوصول إلى شهر نيسان 2024 بلا خسائر جديدة!، أو أنها مُقتنعة بأن التعديلات التي جرت، على الرغم من كثرتها، أو تلك التي ستجري، عبارة عن إرضاء لشخصيات، أو أنها بلا "دسم".
نقطة ثانية، يجب التأشير عليها تتعلق بـ"توزير" نواب.. فبعيدًا عن أنه جائز أو غير جائز دستوريًا، فإن مثل هذه الخطوة، تُكبد خزينة الدولة أموالًا، الوطن بحاجة لها، خصوصًا إذا ما علمنا أنه باق على عمر مجلس النواب الحالي أشهر قليلة فقط.
فعندما يتم "توزير" نائب، فإن ذلك يتطلب دخول نائب جديد إلى مجلس النواب، قد يُكلف الدولة رواتب المُدة المُتبقية للدورة العادية الرابعة والأخيرة، وتزداد قيمة هذه "التكلُفة"، في حال كان النائب الجديد ينطبق عليه قانون التقاعد المدني، خاصة أن خدمة النائب ولو كانت يومًا تعد 4 أعوام، وبالتالي حصوله على راتب تقاعدي. وما ينطبق على النائب الجديد ينطبق أيضًا على الوزير الجديد، في حال بلغت خدمته في القطاع العام سبعة أعوام فأكثر.