قانون الانتخابات، الإيجابيات والسلبيات

دكتورة أسمهان ماجد الطاهر

استكمالا لسلسلة التشريعات الناظمة لمنظومة التحديث السياسي، وبموجب قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022، تم وضع نظاما

يتضمن تقسيما واضحا للدوائر الانتخابية؛ بما يسهل على الناخب والمرشح ويضمن شكل العملية الانتخابية.

 

إن الاطلاع على النظام ودراسة أهم المزايا والسلبيات في قانون الانتخابات ضرورة وطنية.
وأتمنى أن يتبع المقال بعدد من المقالات والدراسات المتخصصة لأهمية هذه المرحلة وضرورة زيادة الوعي بالقانون الجديد للانتخابات، كخطوة أولية لتحفيز المشاركة في العملية الانتخابية سواء في الترشح أو التصويت.

 

لقد تم في القانون الجديد تقسم المملكة إلى ثماني عشرة دائرة انتخابية محلية ودائرة انتخابية عامة.
يخصص للدوائر جميعها 138 مقعدا بواقع 97 مقعدا للدوائر المحلية، و41 مقعدا للدائرة العامة، بحيث تقسم العاصمة عمان إلى ثلاث دوائر انتخابية محلية، ومحافظة إربد إلى دائرتين محليتين، فيما يخصص لبقية المحافظات دائرة محلية واحدة.

بشكل عام تم وضع نظام متكامل يهدف إلى تشجيع المواطنين على المشاركة في الانتخابات، من خلال تحقيق العدالة في توزيع المقاعد والمحافظة على وزن الصوت الانتخابي العادل.

في حقيقة الأمر النظام حاول مراعاة المعايير الجغرافية والديمغرافية والتنموية في تقسيم الدوائر، وكذلك خصوصية المناطق التي تحتاج إلى التنمية، والمناطق التي تحظى بمساحات جغرافية كبيرة أو بعدد سكاني كبير، والقرب الجغرافي للمناطق في تقسيم الدوائر؛ وذلك تسهيلا على المرشحين والأحزاب السياسية في حرية التنقل والحركة وتشكيل القوائم. 

إن المتتبع لخطة النظام يلاحظ منطقية التدرج في زيادة المقاعد الحزبية لتصل إلى 65 % في العشر سنوات المقبلة، وذلك للوصول لمجلس نواب قائم على كتل حزبية برامجية مستقبلا.

إن وجود أغلبية حزبية داخل البرلمان في المستقبل يدعم العمل المنظم والجماعي، وهذا يعتبر منطقي لتسهيل نضج تجربة الأحزاب، ولمنح الفرصة للشخصيات الوطنية لتشكيل قوائم انتخابية.

وعلى الرغم من وجود مخاوف تتعلق بزيادة تشكيل أحزاب بلا برامج لغايات خوض الانتخابات فقط، إلا أننا كمواطنين نطمح بأن ينجح القانون الجديد في تحفيز وتقوية الأحزاب السياسية القائمة على قيم سياسية وبرامج وطنية شاملة.

وبرأيي النظام الجديد قد يساهم في المدى المتوسط والبعيد بتحفيز الأحزاب السياسية على أن تتوسع بقاعدتها الشعبية، وعدم حصرها في أطر ضيقة ضمن نطاق القبيلة أو صلة القرابة.

القانون بنظامه الجديد يضمن توسعة الدوائر الانتخابية، والانتقال من مرحلة الدوائر الضيقة إلى الدوائر الموسعة العامة التي تخدم العمل البرامجي الحزبي وتطويره، وصولا إلى تشكيل كتل نيابية في المجالس النيابية المقبلة.

ويمنح القانون كل ناخب صوتين، وفقا لنظام انتخابي مختلط، يعتمد النظام النسبي المغلق للقوائم الحزبية، والنظام النسبي المفتوح للقوائم المحلية، بحيث لا يمكن للناخب على القوائم العامة تغيير ترتيب المرشحين الذي يجري اعتماده من الحزب، بينما يتمكن الناخب في الدوائر المحلية من الاقتراع للأفراد المفضلين المترشحين.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الخبراء يعتقدون أن التمثيل النسبي الاقتراع له مزايا بأنه يسمح بإعطاء مقاعد للأغلبية والأقلية في آن واحد، ويعتبر نظام بسيط وغير معقد.

وقد نص القانون على أن تتضمن القوائم الحزبية التي تترشح لمقاعد الدائرة الانتخابية العامة، وجود امرأة واحدة على الأقل ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل وكذلك ضمن المترشحين الثلاثة التالين، وهذا أمرا إيجابيا يرفع من حجم تواجد المرأة تحت القبة، ويعزز نمو الدور السياسي لها، ويقدم فرصة ذهبية لذوات الإمكانيات والقدرات الواعدة للمشاركة في الحياة السياسية.

لقد راعى القانون تمكين المرأة والشباب بشكل أقوى، من ذي قبل، فالقانون الجديد قام بتخصيص 18 مقعدا للمرأة من أصل 97 مقعدا خصصها للدوائر المحلية، مما يفتح المجال أمامها للترشح على المسار التنافسي، إلى جانب "الكوتا"، وهو ما يعزز الفرصة التنافسية للمرأة.

أما الشباب فلا بد من وجود شاب أو شابة بين 25-35 سنة، ضمن أول خمسة مرشحين، مما يعني أن على الأحزاب الاستمرار بدفع الشباب للانخراط بها.

ورغم أن تخفيض العمر إلى 25 في القانون الجديد مبالغ فيه، وكان من الأفضل تحديد العمر بين 30-35 لأن الشباب الأصغر مندفعين والتجربة أظهرت أن عدد المؤهلين والمعدين سياسيا للمشاركة في الانتخابات عدد محدود جدا، وقد يفتقر الشاب بهذا العمر إلى الخبرة السياسية، ولكن يبقى الرهان على نجاح التجربة، بيد الأحزاب السياسية.

 

وقد كان مثار جدل كبير في القانون الجديد فقرة تتعلق بعدم اشتراط استقالة موظف القطاع العام المترشح للانتخابات، وبدوري أميل نحو أن يستقيل المرشح من أي وظائف عامه أو قطاع خاص لضمان عدم تضارب المصالح. 
وأخيرا لقد تطرق القانون إلى تحديد سقوف الإنفاق على الحمل الانتخابية وفرض عقوبات على الجرائم والمخالفات الانتخابية المتمثلة باستخدام المال السياسي، والتي تصل عقوبتها إلى سنتين لا يمكن استبدالها. وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة تغليظ عقوبات استخدام المال السياسي.

وتبقى المشاركة والتمثيل الشعبي السليم هو الضمان الأساسي لولادة حياة سياسية عصرية تشجع عمل الأحزاب السياسية البرامجية التي تقود نحو حكومة برلمانية. حمى الله الأردن أرضا وقيادة وشعبا