خطر يُهدّد معايير الطب والقانون والاخلاق.. تجميد البويضات للعزباء في أحد الفنادق
قضية لا تحتمل المقدمات الطويلة أو التمهيد، لأنها باختصار شديد قد تكون الأردن محاطة بخطر عظيم يُهدّد معايير الطب والقانون والاخلاق، خطر يندرج تحت عنوان" تجميد بويضات الفتيات العزباء" بحجة ضمان إنجابهن بعمر متقدم في حال تأخرهن عن الزواج، إلا أن هذا العنوان يلتحف بعباءة "الغاية تبرر الوسيلة "، لكن هذه الوسيلة تندرج على خطى مبهمة لتطبيق سياسة تجارة الأعضاء بشكل ونمط جديد يحمل طابع الإنسانية.
أكد مصدر خاص وجود ثلاجة لتجميد " البويضات " في إحدى فنادق عمان بسرية تامة، حيث يتم تنفيذ العمل الجراحي في عيادة أحد الأطباء، وذلك باتفاق بينه وبين الفتاة عن طريق فض غشاء البكارة وسحب مجموعة بويضات لهن، ويتم بعدها تقديم تقرير طبي يثبت سلامة الفتاة وينفي تعرضها لأي علاقة غير شرعية، إنما يؤكد خضوعها لعمل جراحي في سبيل استخلاص مجموعة من بويضاتها لضمان إنجابها في المستقبل في حال تأخرت عن الزواج. ولكن هناك العديد من إشارات الاستفهام التي يجب الوقوف عليها بعد سماع هذه المعلومات، أولها: هل باتت فنادق عمان وجهة طبية تنوب عن المستشفيات والمراكز الطبية؟ أم أنها غاية خفية لتشويه صورة الطب في الأردن؟ وهل يليق مصطلح" فندق" بهذه العملية إن كان حقا هدفها إنساني؟ أم أن مصطلح " الدعارة " بات يرتدي الرداء الأبيض لتبرير سلوكه المنافي للأخلاق؟ وكيف يمكن لطبيب أقسم باسم الله أن يقوم بمثل هذا التصرف، مختبئاً عن القانون، ومخالفًا مبادئه الطبية والمهنية والأخلاقية لتحقيق تجارة رابحة؟ وماذا سيكون موقف العشائر الأردنية حين تعرف بهذه القضية المنافية للأعراف والتقاليد المهينة لكرامة كل أردني في حال انتشارها؟ وللبحث بعمق أكبر تقصّت عن حكم الشرع والقانون والطب بهذه القضية، حيث أكدت دائرة الإفتاء العامة أنه لا يمكن إصدار حكم عام لمثل هذه القضية، بل يجب دراسة كل حالة بشكل فردي ومدى توفر الحاجة الطبية لهكذا إجراء كالفتيات المصابات بالاورام مثلا، لافتا تواصل الدائرة مع عدة أطباء لإثبات أن طرق سحب البويضات تختلف ولا تقتصر على فض غشاء البكارة، بل يوجد طرق أخرى تقرر من قبل الطبيب، مؤكداً أن التلقيح يشترط أن يكون بعد الزواج.
من جانبه أكد مستشار في أمراض وجراحة النساء والتوليد والعقم الدكتور ديب الحمامي أن عملية تجميد الحيوانات المنوية يفترض أن تتم في مستشفيات أو مراكز متخصصة داخل مختبرات خاصة ذات إمكانيات جبارة وتكلفة عالية، إضافة إلى ضرورة وجود صفات محددة للحفاظ عليها كدرجة تبريد منخفضة.
وكشف أن قبول هذه العملية قد تكون بحالات خاصة كفتاة مصابة بالسرطان في عمر مبكر، وستخضع لعلاج كيماوي قد يسبب لها تدمير للمبيض والبويضات، مبينًا أنه في هذه الحالة يتم استخلاص جزء من المبيض قبل موتها، لافتا انه يشترط أن يؤتمن الطبيب أمام الله عز وجل وبوجود شهود. وذكر أن تطبيق هذه الفكرة في أحد الفنادق وفقا للمعلومات الواردة تعد تجارة واضحة، مشيرًا إلى أن مركز الحسين للسرطان قد يتّجه إلى هذا الإجراء في المستقبل كونها عملية إنسانية.
بدوره قال دكتور النسائية قصي الخشاشنة إن هناك حالات طبية تستدعي تجميد البويضات للفتاة غير المتزوجة كالسرطان، لافتًا أن فكرة التجميد ليست خاطئة في حال تم تنفيذها في مكان مخصص يتوفر فيه شروط الأخلاق والسلامة العامة.
وأوضح أن تنفيذ هذا الإجراء يجب أن يكون بشكل علني وقانوني وغير سري ويأخذ الشرع والعادات والتقاليد بعين الاعتبار، وأن يكون لحالات معينة وفقا لما تقتضيه الحاجة فقط، مشيراً إلى ضرورة حفظ البويضات في أماكن مخصصة، وبطريقة موثقة ومدروسة بشكل دقيق، لافتًا أنها قضية تهدد سلامة المجتمع من كافة النواحي الاجتماعية والصحية والأخلاقية في حال عدم مراقبتها. وأكد على ضرورة التصريح بإتلاف البويضات بالنسبة للفتاة التي جمدت بويضاتها وتعرضت فيما بعد لوفاة مفاجئة، مبينًا أن عملية التجميد تحتاج إلى تنشيط للهرمونات التي بدورها تنعكس سلبا على الثدي، وبالتالي لها انعكاسات سلبية على صحة الفتاة.
وختم الخشاشنة أننا نعيش في مجتمع يحكمه عادات لا يمكن تجاوزها، فقد لا يتقبل الرجل فكرة الزواج من فتاة خضعت لهذا الإجراء.
وأكد الدكتور عمر شموط عدم وجود أي جهة قانونية تسمح بهذا الإجراء، لافتًا أن هذا الإجراء يمهد البدء بطريق تجارة الأعضاء، مضيفًا أن قيام أي طبيب بهذا الإجراء يلزمه أن يكون مغطى من الناحية القانونية كوجود لجنة من قبل وزارة الصحة ولجنة دوائية تشهد على تنفيذ العملية والبحث بأسبابها، مؤكداً أن هذا الإجراء لم يتم العمل به من قبل. وأوضح أن البويضات تحفظ عادة للنساء المتزوجات في مراكز الإخصاب داخل المستشفيات التي يجرى فيها عملية أطفال الأنابيب، ويشترط وجود عقد زواج، مشدداً على خطورة هذا الإجراء بالنسبة للفتاة العزباء.
من جانبه أكد المحامي أنس شموط أن تنفيذ هذا الإجراء وحفظ البويضات للفتاة في مكان غير معلن عنه وغير مخصص يعد مخالفًا للقانون، واصفًا ذلك بـ" دعارة مبطنة"، خاصة أنها تُحفظ في أحد الفنادق. وأوضح أن القيام بهذا الإجراء يتطلب الحصول على موافقة من اللجنة الدوائية في وزارة الصحة، نافيا قيام الوزارة بإعطاء تصريح لمثل هذا الإجراء. في السياق ذاته أكدت المحامية إسراء العملة أن تجميد البويضات في مكان غير معلن عنه وغير مرخص يعد جريمة "اتجار بالبشر" خاصة أن الأردن وقّع على الاتفاقية العربية لتنظيم ونقل الأعضاء والأنسجة ومنع مكافحه الاتجار فيها، مبينة أنه وفقا لنص المادة 32 من الفصل السادس من الإتفاقية فإنها جرمت وشددت العقوبات، حيث تتعهد كل دولة طرف أن تتخذ ما يلزم من تدابير وفقا لتشريعاتها وأنظمتها الداخلية بتجريم شراء أو بيع أو عرض عضو أو نسيج بشري أو الدعاية والإعلان أو الترويج بقصد الاتجار به، أو قيام الطبيب بإجراء عملية نقل أو زرع أو استئصال لعضو أو نسيج بشري وهو يعلم أنه محل للاتجار بالأعضاء البشرية، أو القيام بأي وسيلة كانت بشأن نقل أو زرع أو استئصال عضو أو نسيج بشري من شخص حي لغرض غير علاجي أو من جثة متوفى لم يوص صاحبها بتبرعه بها أثناء حياته بما يخالف الشروط والضوابط التي تحددها كل دولة طرف، أو إذا تمت عملية جراحية بنقل أو زرع أو استئصال عضو أو نسيج بشري خارج المراكز والمؤسسات المرخص لها قانونا أو دون مراعاة الأحكام المنصوص عليها في هذه الاتفاقية ،أو إفشاء سر مهني فيما يتعلق بالعمليات المشروعة لنقل او زرع أو استئصال عضو أو نسيج بشري.
وتضيف أيضا، قيام ولي القاصر بالتصرف بأعضاء القاصر أو أنسجته خلافا لأحكام هذه الاتفاقية،أو استغلال حاجة شخص أو جهله أو عدم خبرته أو ضعف إدراكه أو طيشه أو هواه والحصول على موافقته لاستئصال عضو أو نسيج من جسمه،أو المساهمة بأي طريقة كانت في إجراء نقل أو زرع أو استئصال لعضو أو نسيج بشري خلافا لأحكام هذه الاتفاقية، أو العلم بوقوع جريمة من جرائم منصوص عليها في هذه الاتفاقية ولم يبلغ السلطات المختصة بذلك، أو القيام باستئصال عضو أو نسيج من شخص حي دون الحصول على موافقته السابقة على ذلك وفقا للأحكام المنصوص عليها في هذه الاتفاقية. فبعد هذا البحث المفصل بالأحكام الدينية والطبية والقانونية بات من الواضح أن تجارة الأعضاء تسلك طرقا فرعية بأشكال جديدة خفية، لذا ندعو الجهات المعنية ممثلة بوزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء أخذ الموضوع على محمل الجد، والاهتمام المكثف من خلال تعظيم الجهود عبر حملات المراقبة والتفتيش لصون كرامة الفتيات أولا، وأخلاق المجتمع ثانيا، فتجارة الأعضاء جملة يهتزّ لها ضمير كل أردني يخشى على بلده الضياع والانحراف. (الأنباط)