نحو مساعٍ حزبية لتعزيز المشاركة الشعبية السياسية
الدكتورة روان سليمان الحياري
نقف كأردنيين في هذه المرحلة السياسية الهامة أمام مسؤوليةٍ حقيقيةٍ لا ينحصر دورنا في تحسين الواقع المعيشي على طرح الآراء و الافكار بل يسمو الى ضرورة ترجمتها الى عمل جمعي منظم ضمن خطط و برامج تعالج تلك التحديات بشكل عملي قابل للتطبيق من خلال الهيكل السياسي الأنسب الا و هو العمل الحزبي المنظم ضمن منافسة وطنية حقيقية بين مختلف القوى السياسية الوطنية بما يخدم الصالح العام و يطور السلوك الانتخابي وصولاً الى نظام انتخابي سياسي بما كفلته التشريعات والقوانين، قائم على أحزاب سياسية تملك مشروعات وطنية حقيقية تفضي تدرجاً الى تعميق نهج الحكومات الحزبية ابتداءاً بالدورة الانتخابية البرلمانيه القادمة و جميع الانتخابات المرتقبة كخطوة أولى نحو نظام انتخابي أكثر عدالة وتمثيلاً، يحترم تنافسية التعددية السياسية ويشكل حافزاً لتطور الحكومات على أسس حزبية جوهرها تقديم الافضل من خلال برامج واقعية تخدم الصالح العام و تخضع للمسائلة الشعبية.
ذلك يفرض علينا كمواطنين سواء أكنا حزبيين أم لا دوراً محورياً في بناء نهج ديمقراطي سليم و مسؤول لتعميق تجربة الحكومات الحزبية و افراز هيئات منتخبة أكثر تمثيلاً للارادة الشعبية و لتوجهات الأطياف الحزبية السياسية الوطنية على اختلافها من خلال انتخابات نزيهه تعكس الارادة الشعبية وتضمن وصولاً آمنا لكل رأي سياسي عبر صناديق الاقتراع.
إن من أبرز التحديات تعزيز الثقافة السياسية والحزبية بأهمية المشاركة الشعبية في الحياة السياسية فلا يعقل أن تكون نسبة المشاركة الشعبية في العملية الانتخابية للدورة السابقة تراوح الـ 30% و هذا يتطلب منا جميعاً جهداً وطنيا بأكثر من محور , فلا شك أن ما تقوم به الاحزاب السياسية من جهود لتعزيز الثقافة السياسية من خلال أكاديمياتها أو مدارسها السياسية سواء أكانت موجهة نحو المجتمع أو نحو قواعدها الحزبية أو الشعبية هام جداً لتسهم حقا في بناء وعي سياسي في تبديد أي تردد فالارادة السياسية حقيقية ترجمت بقوانين و حماية حزبية ولا بد أن تستجيب لها كل مكونات الدولة لتحقيق غايتها.
على صعيد آخر فمن واجب الاحزاب ان تعمل بجدية على كسب ثقة المواطنين وحفزهم على الانخراط في الحياة العامة و تسعى لكسب ثقة المواطنين الذين هم من تشكلت الاحزاب من أجل خدمتهم و الذين هم أصحاب القول الفصل من خلال مشاركتهم السياسية، فلا بد أن تتقدم الاحزاب بطرح واقعي و مسؤول لتحديات المواطنين في جو من التنافس البنّاء لحلول تطبيقية لتلك التحديات ، حتى تكون لبنة أساس لدى المواطن في بناء قراره السياسي الواعي الذي يمكنه من فرز الحزب الأقدر على تحقيق الخدمة الفضلى لحلحلة تلك التحديات وتبني السياسات ذات الأولوية و على رأسها الشأن الاقتصادي و ما يرتبط بة من بطالة تراوح الـ25% في مجتمع فتي عماده شباب هم أكثر من 70% منه.
الاحزاب السياسية ليست ماكينة انتخابية تنشط قبل سنة أو أكثر بقليل -من الموسم - بل هي رافعة وطنية عملها دؤوب و مستمر تضع الاستراتيجيات و تلتزم ببناء برامجها على أساسها و بغير معزل عن مشاركة المواطنين في تلك البرامج المقترحة من خلال جلسات عصف ذهني و نقاش توافقي مع المجتمع و المتخصصين على تلك البرامج و أن تتحمل مسؤوليتها السياسية بخضوعها للمسائلة الشعبية فالانتخابات محطة هامة ، لكنها ليست نهاية المطاف فإفراز هيئات منتخبة أكثر تمثيلا بنسبة مشاركة شعبية منطقية تخضع تلك الهيئات للمسائلة هي جوهر العمل الوطني السياسي المستدام خدمة لمصالح المواطنين فالاحزاب القوية هي تلك المستدامة ذات الامتداد الشعبي الحقيقي من أجل حاضر ومستقبل أفضل لنا جميعاً.
إن التطوير في الانظمة السياسية هي سمة الديمومة و البقاء الحيوي كجزء من عالم تحدياته مستمره و ديناميكيته متسارعه . نحن فيه جميعا كمواطنين مسؤولين عن انجاحها يداً واحدة نمضي بخطىً ثابتة نستفيد من تجاربنا، ونمضي في تطوير ديمقراطيتنا ذلك أن مبتداها و هدفها مانريده من حاضر و مستقبل أفضل لنا و لابنائنا.