عندما لا يقرأ الكبار رسائل الكبار* زيان زوانة

زيان زوانة

توقفت الحرب الكورية (1950-1953) بدون اتفاق سلام حتى الآن، وتشير وثائقها الأمريكية أن الرجل الثاني في الصين الشيوعية "شوإن لاي" قد أرسل للرئيس الأمريكي "ترومان" رسالتين حملهما السفير الهندي في بكين يطلب عدم اقتراب القوات الأمريكية من الحدود الصينية.

ولم يلتفت ترومان ومستشاروه للرسالتين القادمتين من دولة لا يتجاوزعمرها سنة واحدة ولا تعترف أمريكا بها آنذاك، فاستمرت القوات الأمريكية في التقدم مقتربة من الحدود الصينية، لتفاجئ بعشرات ألوف المحاربين الصينين الذين فتكوا بالقوات الأمريكية، ما دفع الجنرال "دوغلاس ماك آرثر" القائد الأمريكي لقوات التحالف الغربي بالحرب للتهديد بضرب القوات الصينية والكورية الشمالية بقنبلة ذرية، حيث كانت فظائع القنبلتين اللتين ألقتهما أمريكا على هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين ما زالت حاضرة، ما اضطر ترومان إلى إقالة الجنرال "ماك آرثر" والطلب منه العودة لأمريكا.

تذكّرني هذه الوثائق برسائل "بوتين" للغرب الذي يهملها، فكانت النتيجة استعادة روسيا للقرم والمناطق الشرقية من أوكرانيا والحرب الأوكرانية الدائرة بويلاتها، بينما يستمر بوتين بإرسال الرسائل للغرب، فيصرّح: أن جزءا من حدود بولندا كانت هدية لها من الزعيم السوفييتي "ستالين"- وأن لا وجود قانوني في روسيا لمجموعة فاغنر، ويصرح حليفه رئيس بيلاروسيا: - أن بعض مقاتلي فاغنر وصلوا بلده - وأنهم سيدربون جيشه - وأنهم يريدون التوجه نحو الحدود البولندية، بينما يحذرّ رئيس الوزراء البولندي من دخول مقاتلي فاغنر إلى أوروبا كمهاجرين، ويظهر زعيم فاغنر سليما معافا خلال القمة الإفريقية الروسية في سان بطرسبرغ.

رسائل الكبار للكبار تستحق القراءة، وهذه إحدى أسس قواعد أنظمة الحكم المتزنه، لأن عدم قراءتها يمكن أن يترتب عليه عواقب غير محمودة.