إيران والشيعة العرب في اتجاهات الأردن

 

ماهر أبو طير

يطغى الانجماد على العلاقة الأردنية مع إيران حتى الآن، هذا على الرغم من وجود وجهات نظر سياسية تطالب عمان الرسمية بالانفتاح على الإيرانيين، أسوة بدول عربية.

هناك اتجاه سياسي في الأردن يعتقد أن تعليق الانفتاح على إيران سيؤدي الى خسائر أردنية سياسية ودبلوماسية واقتصادية، خصوصا، مع وجود تحسن في علاقات طهران مع دول عربية، واحتمالات فك عقدة الخلافات مع واشنطن، ولحظتها لن تكون الأردن أولوية لدى إيران، ولا حتى ضمن أولوياتها، إضافة الى أن إيران تتحكم الى حد بعيد بالعراق، وسورية، ولبنان، واليمن، بما ينعكس أيضا على الأردن في هذه الحالة، وبشكل معروف وواضح، ويرى هؤلاء، على سبيل المثال أن الأردن يخسر من غياب السياحة  الدينية الإيرانية لمقامات مؤتة، ولمواقع مختلفة، مثلما يخسر من إمكانات العلاقات الاقتصادية مع إيران اذا تخلصت من العقوبات.

مقابل هذا الرأي اتجاه ثان براغماتي في الأردن يقول إن الأردن يستحيل أن يقترب من إيران لاعتبارات مختلفة، أبرزها موقف الأميركيين، حاليا، واعتراضات إسرائيل على قضايا تخص الإقليم، إضافة الى تجارب سابقة مع إيران تركت أثرا سلبيا، ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن الحل يكمن في تصنيع مسار مواز، من خلال تحسين العلاقات ولو جزئيا مع دول عربية ذات صلة بالمحور الإيراني، وتشجيع الدبلوماسية العربية على استقطاب العراق وسورية ولبنان واليمن قدر الإمكان نحو العرب، ومنافسة إيران بنعومة في الإقليم، ويقترح هؤلاء في سياقات معينة عدم مواصلة معاقبة الشيعة العرب، وعدم المبالغة بالشك فيهم وعزلهم، واتخاذ خطوات إيجابية بحقهم مثل استقطاب العراقيين واللبنانيين وغيرهم من الشيعة العرب، لزيارة الأردن ومقامات مؤتة وغيرها ضمن ترتيبات خاصة، بحيث ينتفع الأردن سياحيا، من جهة، ولا يبدو في صورة الذي يحارب مذهبا محددا، إضافة الى أهمية إضعاف ثنائية العلاقة بين إيران وهذه الدول عبر الفصل بين الجهتين من خلال طريقة وشكل إدارة العلاقات مع الشعوب العربية في هذه الدول، التي تعتبر في معظمها جارة مباشرة للأردن.

الاتجاه الثالث سلبي جدا بحق إيران، وكل محورها، ولا يريد أي علاقات مع إيران، ولا مع دول محورها، لا اليوم ولا غدا، لاعتبارات سياسية وأمنية، ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن كل بلد تسللت إليه إيران بشكل مباشر أو غير مباشر، تعرض الى إشكالات وأزمات سياسية وأمنية ومذهبية، إضافة الى تحوله لساحات للصراع بين إيران وعواصم إقليمية وعالمية، ويرى هؤلاء أنه لا يمكن تبسيط الأمر بالكلام عن السياحة الدينية لمواطنين عرب ينتمون للمذهب الشيعي، في ظل مخاوفهم الأمنية من وجود وكلاء لإيران وسط هذه المجموعات التي قد تزور الأردن، إضافة الى وجود رفض أردني قديم منذ عام 1980، لوصول أي مجموعات دينية الى مناطق الأضرحة، فوق وجود مخاوف من مشاكل أمنية قد تقع من جانب جماعات إسلامية في الأردن في مواقع مختلفة، أو من جانب سكان هذه المناطق بحق السياحة الدينية الإيرانية، أو حتى السياحة الدينية الشيعية من دول عربية، وأصحاب هذا الرأي يتشددون برغم أن هناك من يقول لهم أن هذه مبالغة وأن الإيرانيين والعرب الشيعة يزورون أغلب الدول العربية لاعتبارات مختلفة.

في كل الأحوال يمكن القول إن علاقات الأردن الإقليمية مع الدول الكبرى وتحديدا إيران وتركيا، تتسم بالغموض وبوجود تفاصيل سرية في الظلال، لا يتم الإعلان عنها، فيما العلاقات العربية تخضع للتسكين، في سياق رؤية تقول إننا أصدقاء الجميع، وهذا التسكين على مافيه من تفاصيل معاكسة لهذا المبدأ، يؤدي في المحصلة الى مجرد حالة ركود سياسية.

في تعبير لسياسي أردني قال إن الأردن وسط خريطة تتغير كل صباح يوم، وهو يحاول الخروج بأقل الخسائر وسط هذه المعادلات المتقلبة، فلا تحدثونا عن اختراقات دبلوماسية، في توقيت لا يحتمل صناعة الاختراقات الدبلوماسية ولا القفز في الهواء، ولا يعرف السياسيون في هكذا توقيت كلفتها ولا تأثيرها الإستراتيجي.