حقائب السفر
د. محمد أبو عمارة
يبدأ القادمون بلملمة حقائبهم وحاجياتهم ، و تبدأ رحلة الوداع ..
ويتذكرون أن هناك المئات من الأمور التي لم يقوموا بها وأن هناك عشرات الأماكن والمنازل والأحبه لم يسعفهم الوقت للذهاب إليها ...
آه كم مرت الإجازة سريعة ... بالأمس قد وصلنا وها نحن الآن ..
نودع الأحبة ..
في كل عام نفاجأ بنمو الأطفال فهذا ( عودة ) قد أصبح رجلاً وتلك
( زين ) قد أصبحت فتاة فاتنة وكلاهما قد تركناهما أطفالاً قبل سنوات .
وفي كل عام نأتي لنفاجأ بتناقص عدد الأحبه فهذا يغادرنا الى دار الحق .. وتلك إلى بلاد أخرى ساعية في مناكب الأرض ..
آه ما أصعب الاغتراب .. وما أبشع الابتعاد عن الأحبة والوطن الذي ورغم قساوته على أبنائه إلا أنهم يعشقون كل ذرة رمل من ترابه .
يُكمل المغتربون لملمة حقائبهم وذكرياتهم ودموعهم ويحملونها معهم على أمل أن يتجدد اللقاء في العام القادم ، حيث يرحل المسافرون عبر الطرق الطويلة منسحبون من أحلام وأفكار وآهات نحو منازلهم في تلك البلدان التي يعملون بها ، ويحبونها بل وربما ينتمون لها كثيرًا ولكن لذة الاشتياق ومتعة الكلام ونشوة احتضان الآباء والأمهات وجو عَمَّان المعتدل و أحاديث الجارات والجيران وصراعات الأصدقاء وتفاصيل الأشياء والكثير من الذكريات ، تجعل اللوحة ناقصة ،
وتجعل الاشتياق للعودة هو ما يجدد الشغف ...
يغادرنا الأحبة في هذه الأيام ... ودمعة في العين متحجرة تدعوا لهم وترجوا أن تمر أيام هذه السنه سريعة وأن يأتي صيف العام القادم
ليتجدد اللقاء ....