تحت لهيب الشمس ورعب الأفاعي.. عاملات الزراعة يكابدن بلا تأمين أو حماية
تبدأ النساء العاملات يومهن منذ بزوغ الشمس بركوب حافلات، أو شاحنات صغيرة مكشوفة السقف ما قد يعرض حياة البعض منهن للخطر أو ضربات شمس، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة بحثا عن اجر لا يليق أن يسمى حتى فتات أجر لينفقنه على أسر يعلنها.
وتقول يسرى إنها تخرج من منزلها منذ ساعات الصباح الباكر الساعة الخامسة صباحا، بانتظار الباص من امام منزلها في منطقة كريمة في لواء الأغوار الشمالية، لتذهب مع زميلاتها الى العمل اللواتي يعملن سويا منذ حوالي ١٥ عاما، بركوب حافلات، أو شاحنات صغيرة مكشوفة السقف ما قد يعرض حياة البعض منهن للخطر.
تحت اشعة الشمس الحارقة تبدأ يسرى يومها الشاق منذ ساعات الفجر وحتى الساعة العاشرة والنصف صباحا لتفادي ساعات ذروة ارتفاع الحرارة وسط تخوفها من ضربات الشمس التي تتسبب بفقدان الوعي، كما جرى مع اثنتين من زميلاتها فاضطررن ان ينقلوها للمشفى لتلقي العلاج واحيانا اصابات خطيرة بالاضافة لخطر انتشار الافاعي التي اصبحت ايضا ظاهرة تؤرق عمال الزراعة في هذا الوقت من العام وخطر المبيدات الحشرية، وكله مقابل اجر زهيد لا يتجاوز ٦ دنانير واحيانا تضطر يسرى للعودة للعمل للمزرعة مرة اخرى في نفس اليوم من الساعة ٣ عصرا حتى المغرب، مشيرة إلى أن ما تتقاضاه لا يكفي لتوفير أقل ما يلزم لاستدامة الحياة وبايام متقطعة على مدار الشهر.
وعن ظروف العمل القاسية ودرجات الحرارة المرتفعة في لواء الأغوار الشمالية، بينت يسرى أن العاملات لا يحظين بأي من حقوق العمال الآخرين، كما انهن يرتضين العمل دون وسائل السلامة العامة التي لا يوفرها لهم أصحاب المزارع، مثل القفازات والكمامات التي تحول دون استنشاقهن للمبيدات الحشرية و غبار الأسمدة والمواد الكيماوية دون تأمين صحي رغم انهن يتعرضن للعديد من الاصابات والامراض، الامر الذي يشترين العلاج على نفقتهن الخاصة، كما انهن غير مشمولات بالضمان ومنهن من يعمل بالزراعة منذ حوالي ٤٠ عاما ووصلت اعمارهن قرابة ٦٥ عاما.
وتحدثت يسرى عن مشكلة اخرى تحت ذريعة أنهن نساء، فرغم انهن يعملن ساعات اكثر من الرجال الا انهن يتقاضين اجورا اقل ناهيك عن تعرضهن للاستغلال من قبل أصحاب المزارع، بعدم دفع الأجرة مبرراً ذلك بخسارة المحصول الزراعي، مؤكدة اضطرارهن للعمل في المزارع من أجل اعالة عائلاتهن.
واستغربت يسرى ان قانون العمل يعامل عاملات الزراعة كعمال مصانع التغذية الذين يعملون وسط اجواء مريحة تحت اسقف ومكيفات بعيدا عن الخطر الذي يعاني منه عمال الزراعة.
وطالبت يسرى ان يكون هنالك نقابة خاصة لعمال الزراعة تدافع عن حقوقهن المسلوبة.
وبهذا الصدد، قالت رئيسة لجنة العمل النيابية في مجلس النواب النائب تمام الرياطي: إن «المجلس » أقر التعديلات الواردة على مشروع قانون الضمان الاجتماعي بعد سلسلة حوارات واجتماعات، تم خلالها مناقشة جملة من المقترحات والتعديلات الجوهرية، التي من شأنها تجويد وتحسين مشروع القانون.
وأشارت الرياطي إلى أنه تم إقرار شمول العاملين في الحيازات الزراعية بباقي التأمينات، ولكن القانون لا يستطيع اجبار القطاع الخاص على التأمين الصحي للعمال، مطالبة ان يتحصل عمال الزراعة بالحيازات الزراعية على الحد الادنى للاجور.
وفي السياق، قالت المديرة التنفيذية للمساعدة القانونية لحقوق الانسان «تمكين» ليندا كلش: إن العديد من الشكاوى وصلت إلى المركز خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة وقت الظهيرة، ومنها عدم توافر دورات مياه في اماكن عملهن ما قد يتسبب لهن بامراض الكلى، كما لا توجد شبكة مواصلات آمنة لهن بالاضافة لعدم توفر وسائل السلامة العامة للعامل او العاملة وهذا يشكل غيابا للحماية الاجتماعية لهم.
واشارت كلش إلى ان قانون العمل والعمال سنة ٢٠٢٠/٢٠٢١ ينطبق على عمال الزراعة، مطالبة وزارة العمل والضمان الاجتماعي بتعزيز وتكثيف جولاتهم الرقابية والتفتيش على العمال في الحيازات الزراعية وتعزيز الحماية المجتمعية لهم كما ندعو جميع العاملات بالمطالبة بحقوقهن التي منحها لهن القانون والتشريعات.
من جانبه، قال الناطق الإعلامي لوزارة العمل محمد الزيود: إن نظام عمال الزراعة قد صدر في عام 2021 استنادا لأحكام قانون العمل، وعرّف النظام عقد العمل الزراعي محددا المدة إذا تم الاتفاق بين العامل وصاحب العمل الزراعي على العمل لمدة محددة ويدخل في حكمها الأعمال المؤقتة او الموسمية محددة المدة بطبيعتها وبخلاف ذلك يعتبر عقد العمل الزراعي غير محدد المدة.
وبين الزيود أنه بموجب نظام عمال الزراعة يجوز للعامل إثبات حقوقه بجميع طرق الثبات القانونية إذا لم يحرر العقد كتابة.
وأشار الزيود إلى أن الأجر اليومي للعمال في القطاع الزراعي لا يقل عما حدده الحد الأدنى للأجور، وفي حال تقاضي العامل أجره اليومي أقل من الحد الأدنى للأجور فعليه أن يتقدم بشكوى عمالية عبر المنصة الإلكترونية «حماية» الموجودة على موقع الوزارة الإلكتروني.
وعلى صعيد متصل، قال الناطق الاعلامي للضمان الاجتماعي انس القضاة: ان شمول العاملين في الحيازات الزراعية بتأمين اصابات العمل والأمومة سيكون حين صدور قرار من مجلس الوزراء بشمولهم بكافة التأمينات بناء على تنسيب المجلس على أن يحدد في هذا القرار تاريخ البدء بتطبيقه.