أقوى نقد من أميركا للحكومة الإسرائيلية

د. محمد حسين المومني

في مقابلة مهمة على شبكة سي إن إن مع الإعلامي والمحاور الشهير فريد زكريا، يقول الرئيس الاميركي جوزيف بايدن موجها النقد للحكومة الاسرائيلية اليمينية المتشددة، ان هذه الحكومة هي الاكثر تشددا منذ حكومة غولدا مائير في عام 1973 إبان حرب اكتوبر! كلام الرئيس الأميركي قوي حاد، ربما الاكثر والاشد نقدا منذ عقود من قبل اميركا لإسرائيل. لا أحد يستطيع المزاودة أو التشكيك بدعم بايدن لإسرائيل، فهو الصهيوني الفخور والصديق لإسرائيل، يقول دوما انه لو لم تكن هناك اسرائيل فلا بد ان نوجدها، في اشارة لدعمه اللامتناهي لإسرائيل. النقد الحاد من بايدن المعروف بهذا الدعم لإسرائيل لهو امر مهم مفصلي، يؤشر على انحدار مستمر لصورة اسرائيل امام الرأي العام العالمي والاميركي، وفي اعين اصدقائها قبل اعدائها. كلام بايدن المؤشر الأوضح على تباعد منظومة القيم الاميركية عن اطروحات الحكومة الاسرائيلية اليمينية، فأميركا بلاد حقوق الانسان وحق تقرير المصير، جبلت على ذلك ودعمت اسرائيل بسبب ذلك، وها هي حكومة اسرائيل المتطرفة تبتعد عن هذه المنظومة من القيم، وتتجه نحو مقاربة دينية للنزاع مع الفلسطينيين، ضاربة بعرض الحائط المنظومة العالمية والاميركية للقيم السياسية. خط بياني يرسم قبول اسرائيل بالعالم واميركا لا بد ان يشير إلى كيف ان اسرائيل في حالة انحدار لصورتها الذهنية بسبب سياسات الحكومة الاسرائيلية المتشددة.

اسرائيل ردت على لسان بعض من اشار بايدن لهم بالاسم انهم عناوين للتشدد، وهم وزير المالية ووزير الامن القومي الاسرائيلي، وها هو بن غفير يقول ردا على بايدن ان اسرائيل ليست نجمة على العلم الاميركي، اي انها ليست ولاية اميركية، وفي هذا غباء وقصور سياسي واضح، فالدعم الأميركي المالي والسياسي والدبلوماسي لإسرائيل مهم وحاسم لجهة حضور اسرائيل ونمائها واستقرارها حتى لو لم تكن ولاية اميركية. لكم ان تتخيلوا لو توقفت اميركا فقط عن استخدام حق النقض الفيتو امام احقاق الدولة الفلسطينية، لكم ان تتخيلوا تكلفة ذلك على اسرائيل في هذه المرحلة. مكتب نتنياهو رد ايضا سرب للصحافة ان كلام بايدن "وقح" وان حتى اوباما لم يذهب لما ذهب اليه بايدن، والحقيقة ان بن غفير هو الوقح، وتسريبات مكتب نتنياهو تدل انه يعيش في برج عاجي لا يعي تكلفة حكومة اليمين المتشدد على اسرائيل ومصالحها.

على سوء الحكومة الاسرائيلية، وعلى يمينيتها وتشددها، الا ان وجودها بالمحصلة مفيد سياسيا للفلسطينيين والعرب، فها هو اليمين الاسرائيلي يظهر على حقيقته المتطرفة، وتظهر مع وجوده فجوة القيم السياسية والانسانية بين اسرائيل والعالم المتحضر، ما يكسب الفلسطينيين تعاطفا دوليا، ويحول اسرائيل من فكرة مثالية نبيلة بعيون الغرب لفكرة جدلية عنصرية. كلام بايدن مؤشر في هذا الاتجاه، وهو بمثابة صواريخ عابرة للقارات نالت من اليمين المتشدد الاسرائيلي الذي يعيش ويتصرف ضمن هرطقاته الدينية التي لا تمت للزمان الحاضر بصلة.