تحديد يوم إجراء الانتخابات

 

محمود الخطاطبة

منذ عودة الحياة البرلمانية في الأردن، وبالتحديد في العام 1989، والانتخابات النيابية تجرى كُل مرة بتوقيت مُختلف، فتارة تُجرى في شهر تشرين الثاني، وتارة ثانية في كانون الثاني، وثالثة في أيلول.

فبعد أكثر من 34 عاما، على عودة الديمقراطية، لم تستقر الدولة حتى الآن على يوم مُحدد لإجراء أهم انتخابات في البلاد، والتي تُعتبر أساس الديمقراطية، علما بأن مُعظم ديمقراطيات العالم، وخصوصا المُتقدمة منها، يكون يوم إجراء الانتخابات البرلمانية فيها معلوم للجميع، وقد يكون مُحددا قانونيا ودستوريا، بإستثناء بعض الحالات التي قد تكون طارئة، فمثلا الانتخابات الرئاسية الأميركية تُجرى ومنذ العام 1845 في يوم الثلاثاء بعد الأول من شهر تشرين الثاني كُل أربعة أعوام.

قد يعتبر البعض أن تحديد يوم مُعين لإجراء الانتخابات النيابية، أمرًا عاديًا، أو ثانويا، لا يُقدم أو يؤخر.. لكن ذلك ليس صحيحًا مائة بالمائة، فذلك يدل على استقرار ديمقراطي، وبالتالي يؤشر على أن الدولة ماضية ومُهتمة بالحياة النيابية والديمقراطية.

الكُرة الآن في ملعب الحُكومة، فيما يخص الانتخابات ونجاحها، بشكل أساسي، وكذلك الأحزاب والمواطنين من جهة ثانية، خصوصا بُعيد لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني، سياسيين وكُتابا صحفيين في الخامس والعشرين من شهر حزيران الماضي، والذي بعث بأكثر من رسالة جميعها تؤكد مضي الدول في الديمقراطية إلى آخر نقطة، فجلالته أكد أهمية الانتخابات النيابية المقبلة، قائلًا "نريدها أن تكون محطة رئيسة في تاريخ الحياة البرلمانية الأردنية".

الحُكومة مُطالبة بتهيئة البُنى التحتية اللازمة لإنجاح العملية الديمقراطية بشكل عام، وضمان نزاهة الانتخابات وسيرها بكُل يُسر، بلا أي مُنغصات مفصلية، والعمل بكُل ما أوتيت من قوة من أجل ردم فجوة عدم الثقة ما بينها وبين المواطن، أو على الأقل تقليل حدتها، ناهيك عن ضرورة انسجام الأنظمة والتعليمات مع عدم تقييد العمل الحزبي أو عرقلته.

وإذا كانت الحُكومة مُطالبة بذلك وأكثر، فإن الأحزاب مدعوة إلى ضرورة بناء وطرح برامج: اقتصادية، اجتماعية، ثقافية، فكرية، تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع، وليس مجرد منشورات أو بيانات أو تصاريح صحفية تختفي باختفاء المُناسبة التي وجدت من أجلها، فضلا عن أنها مُطالبة بتغيير آلية تشكيل الأحزاب التي كانت دومًا تقوم على الهرم المقلوب، بلا أي برامج تُذكر.

كما أن المواطن تقع عليه مسؤولية أيضا في إنجاج الانتخابات والعملية الديمقراطية ككُل، من خلال مُشاركته وبشكل فاعل في هذه العملية، ترشُحا وانتخابا، والتوجه نحو الأحزاب التي تتوافق ورؤيته، خاصة أن قانون الانتخاب يقضي بتخصيص 30 بالمائة من مقاعد المجلس النيابي المُقبل للأحزاب، وفي المجلس الذي يليه رفعها إلى 50 بالمائة، لتستقر النسبة بعد ذلك عند 65 بالمائة من إجمالي مقاعد مجلس النواب.

إذا، الوصول لمجلس نواب قائم على كُتل حزبية برامجية، وبالتالي تشكيل حُكومات برلمانية، مسؤولية مُشتركة تقع على عاتق المُثلث (الحُكومة، الأحزاب، المواطن).