مختصون: الوسائل الدبلوماسية لحل الخلافات المائية في الشرق الأوسط لم تجد نفعا
يثقل تحدي تقاسم موارد المياه المشتركة في الأردن، ثاني أفقر دولة مائيا على مستوى العالم، كاهلها؛ في وقت يؤمل فيه أن تتم ترجمة حدود خريطة المياه المشتركة لواقع ملموس.
وفيما تسعى بعض المبادرات لتعزيز الجانب المائي الجيوسياسي المشترك، كمبادرة السلام الأزرق، التي أثبتت وجودها على الساحة الإقليمية، تتنامى دعوات خبراء في قطاع المياه، بضرورة البحث عن الطرق الدبلوماسية للتسوية بدلا من الوسائل القانونية.
واعتبر المختصون أن الوسائل التقليدية للتسوية السلمية لقضايا المياه، لم تحقق النتائج المطلوبة، مؤكدين أهمية أخذ هذا الملف على محمل الجدّ، لفتح أبواب الحوار بين صانعي القرار والسياسات ضمن المناطق المتشاطئة والمشتركة في حدودها المائية وحل تلك النزاعات سلميا وبطريقة عادلة، سيما بعد تأثيرات خلفها التغير المناخي على تدفقات المياه المتوفرة سواء السطحية منها أو المخازين الجوفية، من انخفاضات سنوية تشي باضمحلال تلك المياه مستقبلا.
غير أن الخلافات المائية في دول شرق أوسطية لم تجد الوسائل السلمية والدبلوماسية نفعا فيها كالحالة بين مصر والسودان، فيما الأخيرة في حالة حرب وسط وساطات دولية لم تنه الملف العالق بين الطرفين.
بدورها، حذرت الخبيرة الإقليمية في دبلوماسية المياه ميسون الزعبي من تركز صراعات المياه بشكل رئيسي في منطقة الشرق الأوسط، مثل النزاعات الناشئة عن نهري دجلة والفرات بين تركيا وسورية والعراق؛ ونزاع نهر الأردن بين إسرائيل ولبنان والأردن والسلطة الفلسطينية، بالإضافة للنزاع الدائر في قارة أفريقيا حول نهر النيل بين مصر وإثيوبيا والسودان.
وأشارت الزعبي لاحتمالية واردة نحو اندلاع الحروب في المستقبل بسبب الخلافات بين الدول حول حصص الاستفادة من المياه في مختلف دول العالم، ما يدعو لـ “بذل المزيد من الجهد والتعاون والحوار على المستوى الدولي لنزع فتيل هذه الأزمات وتجنب تحولها إلى حروب شاملة”.
وقالت الزعبي إن الوسائل التقليدية للتسوية السلمية لقضايا المياه، لم تحقق النتائج المطلوبة، لذلك لجأت بعض الدول إلى البحث عن الوسائل الدبلوماسية للتسوية، بدلا من الوسائل القانونية، مضيفة أنه “نهج يمكِّن مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة من تقييم طرق المساهمة في الحلول المشتركة”.
وعلى هذا الصعيد، بينت الخبيرة في دبلوماسية المياه أنَّ “نهج دبلوماسية المياه فعال ولكنه ليس سريعا في النتائج، حيث يحتاج لإجراءات طويلة الأمد تعتمد على البحث والاستقصاء والتفاوض والوساطة بين الدول”.
واقترحت الزعبي إمكانية تطبيق الدبلوماسية الوقائية، وهي جانب غير تقليدي من العمل الدبلوماسي لدعم التعاون الدولي والوسائل الدبلوماسية من خلال المفاوضات والمساعي الدولية الودية والوساطة، مدعومة بجهود دولية شخصية أو جماعية.
ولفتت للدور الذي يساهم فيه التعاون المشترك بين الدول في مجال المياه، “في إحلال السلام فيما بينها”، وذلك على عكس فزاعة “حروب المياه”، وصولا لتعزيز المياه كمحفز للتنمية المستدامة والسلام، من خلال تحويلها من مصدر محتمل للنزاع إلى فرصة أكيدة للتعاون والسلام.
وذلك إلى جانب إدارة الموارد المائية المشتركة بطريقة سلمية ومستدامة، مع تحقيق الترابط بين الأمن المائي والأمن الغذائي والطاقة والبيئة.
ومن جانبه، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات أهمية اللجوء لاعتماد نهج دبلوماسية المياه لتسوية أي نزاعات إقليمية باعتبارها إجراء فعالا لكنه غير سريع النتائج.
ولفت الدحيات أن التفاوض والتوسط بين الدول في هذا الإطار، يتطلب فهما حقيقيا للقضايا المحيطة؛ سياسية كانت أم اقتصادية أم اجتماعية لكل دولة للوصول الى نتيجة واقعية وإدارة قضية المياه بشكل متكامل.
وقال مصدر مطلع في وزارة المياه والري، فضل عدم ذكر اسمه، إن خطة وزارة المياه والري أكدت غاياتها في الوصول إلى “تعزيز التعاون الإقليمي بشأن المصادر المائية المشتركة لحماية حقوق الأردن المائية وتعزيز الأمن المائي”.
وأضاف أن “المياه” تسعى لمعالجة موضوع “إدارة المياه المشتركة مع دول الجوار على المستويين السياسي والفني والمتعلق بإدارة أحواض المياه الجوفية والمياه السطحية المشتركة في أحواض اليرموك والديسي ونهر الأردن”، منوها لقضية تعزيز آليات التعاون وإدارة المصادر المشتركة للمياه العابرة للحدود.
ولطالما كانت قضية تحصيل حقوق المياه من نهر اليرموك بين البلدين، موضع نقاش لسنوات طويلة؛ حيث يطالب الأردن مرارا بأن تنفذ سورية اتفاقية الاستثمار في مياه نهر اليرموك الموقعة في العام 1987، في حين أشارت دراسات رسمية إلى أن الجانب السوري تجاوز هذه الاتفاقية من خلال زيادة عدد السدود لصالحه، ما تسبب في عدم توفر مياه للأردن تقريبا، وبالتالي أثر على حقوق الأردن المائية.
ويقع مجمل طول النهر تقريبا والبالغة نسبته 80 %، في الأراضي السورية، بينما يمتلك الأردن 20 %.
ويعد التخزين في سد الوحدة دون المستوى المأمول منه، حيث، ومنذ احتساب مياهه ضمن الموازنة المائية في العام 2008 حتى اليوم، وبصرف النظر عن كميات الأمطار الهاطلة، لم تصل تلك الكميات الى السعة المطلوبة، وبالتالي لم يساهم في توفير المردود المائي المؤمل منه على صعيد الجانب الأردني.
ونصت اتفاقية العام 1987، على أن يقوم الأردن ببناء سد سعته 220 مليون متر مكعب، بينما تقوم سورية ببناء حوالي 25 سدا لري أراضيها، على أن تستفيد سورية من الطاقة الكهربائية الناتجة عن سد الوحدة.
وعبر السنوات الماضية، انخفض منسوب جريان نهر اليرموك جراء حفر آلاف الآبار الجوفية في حوض اليرموك وزيادة السدود على مجاري نهر اليرموك على الجانب السوري، ما ساهم باقتراح تقليص حجم السد المتفق عليه في العام 1987 من سعة 220 مليون متر مكعب إلى 110 ملايين.
ورغم بناء السد بسعة 110 ملايين متر مكعب، إلا أنه لم يمتلئ بالمياه، جراء حجب السدود المبنية على مجاري المياه المغذية لنهر اليرموك مع ارتفاع عدد الآبار المحفورة على نهر اليرموك من الجانب السوري، وبالتالي لم تتوفر سوى كميات قليلة من المياه حاليا.-(الغد)